زيتوت لـ “قدس برس”: الجيش الجزائري مهدد بخطر الانشقاق
لندن ـ خدمة قدس برس ـ كشف العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت النقاب عن أن أخطر ما في الأزمة السياسية الجزائرية المستفحلة هذه الأيام، والتي يبدو عنوانها الأساسي في غياب الرئيس بوتفليقة للاستشفاء في العاصمة الفرنسية باريس، هو الخلاف الذي بدأ يدب بين قادة المؤسسة العسكرية، التي وصفها بأنها الحاكم الفعلي في الجزائر في الموقف من تحديد مصير الجزائر وسبل خلافة الرئيس بوتفليقة.
وذكر زيتوت في تصريحات خاصة لـ “قدس برس” اليوم الجمعة (21|6) أن الخلاف بين كبار جنرالات الجيش ظهر مرة أخربدا جليا مع المرض الأخير لبوتفيلقة خصوصا حين ذهب كل من قائد الأركان صالح قايد والوزير الأول عبد المالك سلال لزيارة بوتفليقة الذي أنهكه المرض في إقامة عسكرية فرنسية بباريس، حيث جلس قائد الاركان على يمين بوتفليقة بينما جلس سلال على يساره، والأهم من ذلك أن الذي كان يجب أن يذهب هو المسؤول الأعلى من قايد صالح، وهو الوزير المنتدب للدفاع الجنرال عبد الملك قنايزية”.
وأضاف: “بعد تلك الزيارة بيوم واحد أعلن صالح قايد بشكل واضح وصريح أن الجيش مؤسسة دستورية تخضع للرئيس وتأتمر بأوامره باعتباره القائد العام ووزير الدفاع، وبذلك يكون قد أعلن صراحة وبوضح انحيازه لبوتفليقة”.
وتابع: “لقد كان قائد صالح وقتها يرد على دعوة قد أطلقها قبل يومين أحد قادة الثورة من مجموعة 22 والذي دعا إلى تدخل الجيش لإنقاذ البلاد من حالة التردي الآخذة في التصاعد، وإقصاء الرئيس الغائب بسبب المرض”.
كما كشف زيتوت النقاب عن طبيعة السجال الدائر بين القيادات العسكرية الحاكمة فعليا في الجزائر، فقال: “في حين أن الجيش يضم حوالي 320 جنرالا، فإن حوالي 90 منهم هم الذين يمسكون بزمام الأمور في البلاد، ومن ضمن هؤلاء 30 هم الدائرة الأولى وما يطلق عليهم في الجزائر بأصحاب القرار، وهؤلاء منقسمون اليوم إلى ثلاثة تيارات رئيسية: الأول ويترأسه الجنرال التوفيق (محمد مدين) والثاني يترأسه قائد الاركان قايد صالح بينما الفريق الثالث ويضم على الخصوص بعض قادة النواحي وبعض المدراء المركزيون، هو في حالة ترقب وانتظار، وموقفه هو الذي سيحسم الخلاف بين التيارين الأول والثاني، ومن ثم يحسم الصراع على السلطة بين جناح المخابرات وجناح الرئيس”.
ونفى زيتوت دقة المعلومات التي تتحدث عن أن المؤسسة العسكرية ومعها فرنسا وقوى خارجية أخرى تتجه لتمكين رئيس الحكومة الحالية عبد المالك سلال من خلافة بوتفليقة، وقال: “ليس صحيحا أن كبار الجنرالات يعدون سلال لخلافة بوتفليقة وإن كان البعض يشيع ذلك، فالصراع لازال محتدما أصلا، ثم إن القرار الفرنسي بأن يعود الرئيس بوتفليقة لاتمام مرحلته وأن تجري الانتخابات الرئاسية كما كان متوقعا لها العام المقبل يبدو أنه يفرض نفسه، وإن كان له بعض الانزعاج لدى جنرالات المخابرات التي رأت فيه انحيازا فرنسيا واضحا لصالح بوتفليقة على عكس الموقف الفرنسي التقليدي المعروف بدعمه للنظام بغض النظر عمن يقوده، وهو ما يفسر إثارة مزيد من قضايا الفساد المتصلة بشخصيات مقربة من بوتفليقة بما فيها اتهام رئيس شركة الكهرباء، وهي شركة كبرى ومن معه بتبديد ملايير الدولارات، ثم إقصاء السفير الجزائري في فرنسا ميسوم صبيح. والخلاف لا يزال على أشده في ظل الأنباء التي تتحدث عن قائمة وقعها بوتفليقة في المشفى العسكري الفرنسي لترقية عدد من كبار الضباط وإحالة آخرين منهم على التقاعد، ولا يستبعد أن تضم القائمة جنرالات مناوئين لبوتفليقة”.
وحذر زيتوت من أن الخطير أيضا داخل الصراع الدائر بين أجنحة الحكم في الجزائر هو التدخل الفرنسي، وقال: “لقد أصبح التدخل الفرنسي ظاهرا للعيان، بل إنه هو المحدد الأساسي لطبيعة الصراع الدائر بين اجنحة السلطة في الجزائر، و إن هناك معلومات تحدثت عن أن الجهات الرسمية الفرنسية رفضت حتى إدخال علم جزائري بقياس صغير إلى الغرفة التي يقيم بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم استقبل سلال وقائد صالح وأصرت على إبقاء صورة الرئيس هولاند في الغرفة، وهي إهانة يتم توجيهها للجزائر تضاف لجملة من الإهانات والمتمثلة والمتمثلة أساسا في مساعدة فرنسا في مايسمى بالحرب على الإرهاب بما فيها التدخل في مالي والسماح للطائرات الفرنسية المقاتلة على العبور والعمل في الأجواء الجزائرية”.
وحول رهانات مستقبل الجزائر، قال زيتوت: “في نهاية المطاف فإن الشعب هو من سيحسم الوضع الآخذ في التردي، لكن من الواضح أن الصراع بين الأجنحة قد أصبح يدور في جزء منه خارج الدائرة الجزائرية، أعني هنا فرنسا تحديدا وأمريكا ليست بعيدة والتي تراقب بدقة ما يجري وتربطها علاقات قوية بالجناحين. وإذا لم يتم حسم الخلاف بالتوافق بين المتصارعين، كما حدث في مرات سابقة، فإنه قد يتحول إلى صراع على الأرض بين كبار جنرالات الجيش ستكون نتائجه كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، على حد تعبيره.
الجمعة 21 حزيران (يونيو) 2013