بيانات

نداء إلى الشعب الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم نداء إلى الشعب الجزائري أيها الشعب الجزائري، يمرُّ وطنُنا الحبيبُ بإحدى أخطرِِ مراحلِ تاريخِه الحديث وأشدِّها تعقيدًا ومأساويةً: فالشعب يعاني من تفاقُمِ المشاكل التي تُنهِك حاضرَه وتهدِّدُ مستقبلَه، وتُنذرُ بتدمير مصيرِِه ومصيرِِ أطفالِه، ما لم يبادرْ هو إلى تغييرِ مسارِِ الأحداثِ وتوجيهِها لإنهاءِ الاستبدادِ والفسادِ وإحلالِ العدلِ والرشادِِ. فخلالَ ما يُقاربُ […]

بسم الله الرحمن الرحيم
نداء إلى الشعب الجزائري

أيها الشعب الجزائري،

يمرُّ وطنُنا الحبيبُ بإحدى أخطرِِ مراحلِ تاريخِه الحديث وأشدِّها تعقيدًا ومأساويةً: فالشعب يعاني من تفاقُمِ المشاكل التي تُنهِك حاضرَه وتهدِّدُ مستقبلَه، وتُنذرُ بتدمير مصيرِِه ومصيرِِ أطفالِه، ما لم يبادرْ هو إلى تغييرِ مسارِِ الأحداثِ وتوجيهِها لإنهاءِ الاستبدادِ والفسادِ وإحلالِ العدلِ والرشادِِ.

فخلالَ ما يُقاربُ نصفَ قرنٍ من الاستقلال، كان من المُفترضِ أن تَستكمِلَ الجزائرُ تأسيسَ دولتِها الاجتماعيةِ – الديمقراطيةِ، ذاتِ السيّادةِ الكاملةِ، في إطارِ المبادئِ الإسلاميةِ وفق ما نادى به بيان نوفمبر. غيرَ أن الواقعَ يصرُخ بنقيضِ ذلك: فقد تعمّق الاستبدادُ، واستشرى الفسادُ، وعمّ الظلمُ، وانتشر البؤسُ واستفحل اليأسُ.

إنّ الجذورَ الرئيسيةَ لهذا الداءِ باديةٌ للعيانِ؛ إنّها امتدادٌ حتميٌ لسياساتٍ حاكتْها ومازالتْ مجموعةٌ من الجنرالاتِ وأتباعِهم من المنتفعين، الذين استولوا على السلطةِ وتحكّموا في قدراتِ البلادِ ونهبوا ثرواتِها وخيراتِها وعملوا على إشاعةِ الفسادِ فيها.

إن الحصيلةَ البائسةَ لسياساتِ هذه السلطةِ لم تعدْ تخفى على أحدٍ: إنّها، على سبيل المثال لا الحصر، تتجسّدُ في خنقٍ الحرياتِ، والإقصاءِ السياسيِّ، والتراجعِ الاقتصاديِّ، والتفكُّكِ الاجتماعيِّ وأزمةِ الهويةِ، وتوظيفِ الدولةِ بمؤسساتِها وقوانينِها في خدمةِ السلطةِ الحاكمةِ والمُنتفعين من أتباعِها الفاسدين. وحتى على الصعيدِ الأمني، الذي راهنت عليه السلطةُ، فلا يزال الوضعُ هشًّا، غيرَ مستقرٍّ، عكسَ ما يروّجُ له الخطابُ الرسميُّ.

إنّ الأحداثَ المأساويةَ التي يَشهدُها بلدُنا تُذَكِّرُنا يوميًّا للأسف الشديد، وبشكل دمويٍّ مريعٍ، بهذا الوضع المزري.

فإلى متى نستمرُّ في إحصاء موتانا ومفقودِينا وهم يتحوَّلون إلى أرقامٍ في قائمةٍ لا أولَ لها ولا آخر؟ إلى متى نَتفرَّجُ على مآلِ شبابِنا الموزَّعِ بين أجسادٍ تلفظُها أمواجُ البحرِ، وأخرى تلقى حتفَها انتحارًا أو تسقطُ منهارةً ضائعةً في دهاليزِ المخدراتِ والانحرافاتِ؟ إلى متى يصطدمُ تلامذتُنا وطلبتُنا بالرداءة والإقصاءِ والبطالةِ القاتلةِ والحرمانِ من بصيصِ أيِ أملٍ في المستقبل؟

إلى متى نتريّثُ وثرواتُنا منهوبة مبددة؟ إلى متى نتردّدُ وشوارعُنا مسرحٌ لاحتجاجاتٍ يوميةٍ تصرخُ بالغضبِ، لشعب يرفض الظلم ويأبى الخنوع ويمقت “الحقرة”؟

أيها الشعب الجزائري،

إنّ إنقاذَ وطنِنا يستلزِمُ تغييرًا جذريًّا مسؤولاً، يرقى إلى مستوى قناعاتِك وآمالِك وطموحاتِك؛ فمن حقِّك العيشُ في كنفِ الحريةِ والكرامةِ، في أرضٍ تنعمُ بالأمن والرخاء، في بلدٍ يسودُه العدلُ والمساواةُ، في وطن يتّسِعُ لكل أبنائِه.

إنّ الوضعَ الذي تعيشُه اليومَ ليس قدَرًا محتومًا. فالتغييرُ ممكنٌ، بل، بإذن الله، آتٍ، لكنه يتطلّبُ انخراطَك في عملٍ جماعيٍ هادفٍ، والتزامَك به ومشاركتَك في إنجازِه؛ إنه عملٌ في متناولِك. إنّ كافةَ شعوبِ العالم تسعى اليوم للتحكّمِ في مصيرِها، وتناضلُ من أجلِ التحرّرِِ من قبضةِ الأنظمةِ الاستبداديةِ التي فُرضَت عليها. وأنت، أيها الشعب الجزائري، تستطيعُ القيامَ بمثل هذه الوثبةِ التحرريةِ، كما فعلت في ثورة أول نوفمبر العظيمة.

إنّ القيمَ التي تؤمن بها، والتاريخَ الذي تعتزُّ به، ومشاعرَ الكرامةِ التي تميِّزُك، كلَّها تجعلُك قادرًا على تحريرِ مصيرِِك من مخالبِ المتسلّطينَ والمُفسدين.

أيها الشعب الجزائري،

نزفُّ إليك اليوم نبأَ ولادةِ حركة “رشاد” التي تكوّنت في رحمِ معاناتِك وخرجت إلى النور لخدمتك، لتكونَ أداتَك في التغييرِ الذي طالما تطلّعتَ إليه.

إنّ حركة رشاد ليست حزبًا سياسيًّا، بل قوة تَجَمُّع تصبو للعمل، بالطرقِ اللاعنفيةِ، على إقامة دولةِ الحقِ والعدلِ والقانونِ، الدولةُ التي تُحرّم فيها ممارساتُ الإقصاءِ والتعسّفِ والظلمِ و”الحقرةِ” إلى الأبد. إنّ هذه الحركة حركتـُك أنت، وأنت مدعو للتفكير في الأرضية التي يطرحُها مشروعُها الذي بين يديك، بالمناقشة والإثراء والتطبيق.

أيها الشعب الجزائري،

إنّ العملَ على تحقيقِ تغييرٍ بهذه الأهمية يَقتضي مشاركةَ الجميع. ومن هذا المنطلقِ، تنفتحُ حركة رشاد على كلِ المبادرات التي تسعىَ إلى مدِّ الجسورِ بين جميع الفاعلين السياسيين والنقاباتِ والشخصياتِ، على اختلافِ مشاربِها، وذلك لبناءِ علاقاتِ الثقةِ بينها، والمساهمةِ في لمِّ شتاتِها وتجميعِها في إطارِ مشروعٍ وطنيٍ جامعٍ فعّالٍ.

ن هذا المنظورِ الوطنيِ الجامعِ، تدعو حركةُ “رشاد” كافةَ موظفي الدولةِ الجزائريةِ، مدنيين وعسكريين، ليكرِّسوا ولاءَهم دائمًا لهذا الشعب، الذي يطمحُ إلى الانعتاقِ، وليسخّروا جهودَهم وطاقاتِهم في خدمته. إنّ حركةَ “رشاد” تمدّ يدَها لهؤلاء جميعًا للسير معًا في طريق التغيير الحقيقي، تحقيقًا لمصلحةِ الجميعِ؛ فليس لحركةِ رشاد عدوٌ سوى أعداء الجزائر!

أيها الشعب الجزائري،

إنّ “رشاد”، من جهتها، تتعهد بخدمتك وتوفير الإطار الذي يسمح لك بالتجمع، حتى تتمكن من التعبير عن آلامك وآمالك وطموحاتك، وتطلعاتك الطبيعية المشروعة لمستقبل أفضل.

مرّة أخرى، هذا موعدُك مع التاريخ؛ فلتمسِكْ مصيرَك بيدِك ولتنطلقْ واثقًا من النصر!

إنّ نصرَك، وهو نصرٌ لجزائرَ حرةٍ وعادلةٍ، أمرٌ ممكنٌ، بل محتومٌ! فانهض أيّها الشعب العظيم لتنتزع حريتَك! وقم لتجدَ الله معك!

“رب اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الثمرات”

أمانة حركة رشاد

غرة ربيع الثاني 1428 الموافق لـ 18 أبريل 2007

التوقيعات، حسب الترتيب الأبجدي
مراد دهينة، محمد العربي زيتوت، محمد سمراوي، عباس عروة، رشيد مصلي