جو بايدن يقارن 7 أكتوبر بالمحرقة، لكن، ألا يرى أنه يعيد نفس الجريمة التي يدينها؟!
“لقد أعادت (أحداث 7 أكتوبر) إلى السطح ذكريات مؤلمة وندوب خلفتها آلاف السنين من معاداة السامية والإبادة الجماعية للشعب اليهودي. كان العالم حينها يرى، ويعرف، ولم يفعل شيئًا” جو بايدن
ما قاله جو بايدن في تذكيره بعَدم اكتراث العالم على ما كان يعانيه اليهود على يدي النازية في تلك الحقبة المظلمة، صحيحٌ إلى أبعد حد، خاصة عندما يقول “أن العالم كان يرى ما يجري، وكان يعلم ولم يفعل شيئًا”. ذلك الموقف من لامبالاة العالم هو ما سمح بـ “شيطنة” اليهود، وشكل الحلقة الأولى في تجريدهم من إنسانيتهم، لقيادتهم مباشرة إلى المحرقة، لكن يبدو أن جو بايدن وهو يستذكر تلك المأساة ويدين تلك اللامبالاة، لم ير أو لم يريد أن يرى، أنه في هذه اللحظة بالذات التي يعبر فيها بهذه الكلمات الثقيلة عن حسرته لما حدث قبل 80 سنة لليهود، يرتكب هو نفسه “الشيء الفظيع” نفسه الذي يندد به الآن، ويكرر الجريمة التي يدينها بحق، يكرر اليوم نفس “لا مبالاة” العالم الذي كان “يشاهد” و”يعرف” و”لم يفعل شيئًا”!!! جو بايدن يرى ويعرف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم، لكن لم يكتف بعدم فعل شيئا!
الشيء الأكثر فظاعة هو أن ما يحدث في غزة منذ 7 أكتوبر، حيث يتم إعدام شعب أعزل بأكمله، تحت الحصار، على يد آلة الحرب الأمريكية / الإسرائيلية، لا يختلف عما تعرض له اليهود قبل عقود على يد النازية، مع فارق كبير، فهذه المرة، هذا العالم – “يشاهد” على المباشر، و”يعرف” أدق التفاصيل لِما يجري، بالصوت والصورة بفضل الوسائل التكنولوجية المتاحة؛ لكنه لا يكتفي بـ”عدم القيام بأي شيء” مثلما تحدث بايدن، بل خطى خطوة أخرى، أبعد وأفظع، إنه يمد الجاني المحتل بكافة أنواع الدعم، لإبادة الشعب الرازح تحت الاحتلال والمعرض للإبادة الجماعية، وفي الوقت نفسه، يمنع كل عون لهم بل ويهدد كل من يطالب بوقف النزيف ولإبادة. الأمر إذن لم يعد لامبالاة إجرامية فحسب، بل إنه مشاركة إجرامية، ترقى لتكون مشاركة نشطة في جريمة حرب موصوفة.
كمْ من الوقت يجب الانتظار وكمْ من الأرواح البارئة يجب أن تسقط حتى تستيقظ الضمائر النائمة والمٌكَبلة، وتتحرك بصوت جهير لا تخشى الترهيب والتثبيط المُمَارس من قبل آليات الإرهاب الإعلامي والفكري الذي تسند آليات الموت والخراب؟
هل مِن مبرر للبقاء مكتوفي الأيدي، أمام إبادة شعب يجهز عليه أمام أعيننا، وصور ضحايا تقوف قدرة تحمل المشاهدة، أغلبهم من أشلاء الأطفال المفحمة، دون القياك بما يجب فعله إنسانيا وأخلاقيا، من أجل وضع حد لهذه المجازر على المباشر، قبل إبداء الندم، الذي لا يعذر صاحبه اليوم أمام تكشف الصورة كاملة؟
ألم يحن الوقت ليتحرك العالم ويقوم بواجبه، الحد الأدنى الإنساني الضروري، وقف مجازر الفلسطينيين، لا أكثر، حتى لا يكرر ترنيماته من جديد، ليقول كُنا نرى، كُنا نعرف، ولم نفعل شيئاً.
بقلم د. رشيد زياني شريف عضو المجلس الوطني لحركة رشاد