بيانات

كلمة حركة رشاد في الندوة الوطنية لهيئة التشاور والمتابعة

السادة الأفاضل، السيدات الفضليات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكرًا للمنظمين على دعوتهم لحركة رشاد ضيفًا على لقائكم الطيّب والنافع بإذن الله. تتّفق اليوم القوى السياسية المعارضة، بل وحتى بعض الأحزاب الموالية للنظام، كلّيًا أو جزئيًا، على تشخيص المعضلة الجزائرية المتمثلة في غياب الشرعية، باعتباره أحد أبرز مظاهر أزمة الحكم في الجزائر منذ فجر الاستقلال، […]

السادة الأفاضل، السيدات الفضليات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرًا للمنظمين على دعوتهم لحركة رشاد ضيفًا على لقائكم الطيّب والنافع بإذن الله.

تتّفق اليوم القوى السياسية المعارضة، بل وحتى بعض الأحزاب الموالية للنظام، كلّيًا أو جزئيًا، على تشخيص المعضلة الجزائرية المتمثلة في غياب الشرعية، باعتباره أحد أبرز مظاهر أزمة الحكم في الجزائر منذ فجر الاستقلال، الأزمة التي تفاقمت بعد انقلاب 11 يناير 1992 المشؤوم.

ومنذ نشأتها في أبريل 2007، أكدّت رشاد على أنّ غياب الشرعية أفضى إلى تفاقم طابع النظام العسكراتي وانحصار الحريات والإقصاء السياسي، واستغلال القانون. وقد انجرّ عن ذلك تصدّع اجتماعي وأزمة هوية وارتهان للسيادة الوطنية وفشل اقتصادي وفساد سياسي وإداري ومالي عارم.

واعتبرت رشاد منذ انطلاقها أنّ التغيير الجذري اللاعنفي خيارٌ استراتيجيٌ بديلٌ لحلّ المعضلة الجزائرية، من أجل إقامة دولة مدنية عادلة وملتزمة بالقانون، تحكمها قِيمُ الشرعية والسيادة. واليوم تُثـمّن رشاد كونَ التغيير السلمي قد أصبح مطلبًا شعبيًا ملحًّا يدفع النخب السياسية الوطنية للقيام بدورها من أجل العمل سويًا لتحقيق التغيير الراشد الذي يصبو إليه الشعب الجزائري.

إنّ رشاد تدعم كل جهد للقوى الوطنية الحرّة للمّ الشمل وبناء دولة القانون بصيغة التوافق والتشاور بعيدًا عن أيّ وصاية. وقد تجسّد هذا النهج في ندوة العقد الوطني سنة 1995، وفي ندوة “آفاق التغيير السياسي في الجزائر” التي شاركت فيها رشاد في منتصف نوفمبر 2008، مع ثلّة من قوى سياسية ونقابية معارضة، كان من بينها الأستاذ عبد الحميد مهري رحمه الله، حيث رحّب المشاركون بتعدّد المبادرات الجادّة والساعية للتغيير الحقيقي فدعَوا إلى تكاثرها في مختلف الأوساط والمستويات والفئات الاجتماعية، وأيضًا في مبادرة ماي 2012 التي شاركت فيها رشاد والتي أفضت إلى “أرضية وطنية من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي في الجزائر”.

إنّ مقاربة رشاد لعملية التغيير اللاعنفي الجذري والشامل في الجزائر تنبع من المنطلقات الآتية:

أوّلًا- لا توجد مؤشرات على احتمال أن يبادر النظام القائم إلى عملية تغيير جادّة، تجنّب الجزائر مخاطر الانهيار. إنّ الاستمرار في الرهان على التغيير من داخل النظام وضمن هياكله وفي إطار القواعد التي يحدّدها غير مجدٍ، بل يطيل في عمر النظام الذي يحتاج إلى مثل هذه الواجهة الديمقراطية المزيفة المتمثلة في مجالس لا وزن لها ولا تخدم مصالح الشعب. وعليه فإن رشاد ترى ضرورة القطيعة من طرف كل التنظيمات السياسية مع هذه المجالس والانسحاب منها.

ثانيًا- أمام المخاطر الوجودية التي تهدد البلاد، وجب لزامًا على النخب السياسية المخلصة أن تكون في الطليعة من أجل تحسيس وتنظيم وقيادة المجتمع لإحداث التغيير الجذري المنشود.

ثالثًا- تعتقد رشاد بضرورة إشراك كل القوى الوطنية المخلصة،مهما كانت أيديولوجياتها وتوجهاتها السياسية والاجتماعية ومجال نشاطها الفئوي. وعلى كلّ القوى أن تسمو فوق كلّ خلاف واستقطاب، في هذه الظروف المريرة، وأن تلتفّ حول مشروع وطني جامع ينقذ الشعب والوطن.

رابعًا- من أجل أن يكون التغيير حقيقيا ومجديًا، لا بدّ أن يكون تغييرًا جذريًا شاملًا لطبيعة النظام السياسي في الجزائر، بعيدًا عن وصاية أجهزة الأمن والجيش والمخابرات، بل وينبغي وضع تشريعات وآليات تضمن التحكم الديمقراطي الفعلي لأجهزة الأمن والجيش والمخابرات، وندعوكم في هذا الشأن إلى الاطلاع على اللائحة التي اعتمدها مؤتمر رشاد في ديسمبر2015.

خامسًا- إن رشاد ترى أن النهج اللاعنفي للتغيير هو الأجدى والأقلّ تكلفة، وتعتبر أنّ التغيير اللاعنفي لا يعني الخنوع للاستبداد الذي يخترق الدستور ويصادر الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين. إنّ المسار اللاعنفي الذي ننشده لا يعني حصر تحركنا في الإطار الذي يرتضيه أو يفرضه نظام يدوس على الشرعية، بل يجب أن يتجاوزه إلى عمل ميداني سلمي تلتحم فيه النخب السياسية مع القوى الشعبية وتشاركها همومها وقضاياها وتقف معها في الميدان.

سادسًا- إن رشاد تحرص كل الحرص على أن تكون الجزائر واحدة موحّدة جامعة لكل أبنائها في إطار مصالحة وطنية حقيقية وشاملة.

إنّ رشاد مستعدّة للتعاون مع كل القوى الوطني المخلصة في أيّ مشروع وطني جامع يلبي هذه المتطلبات التي تضمن عدم إفراغ مصطلح التغيير من مضامينه الحقيقية، وتهيّء الشروط الكفيلة بإنقاذ الجزائر من مصير مجهول.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.