تتوجّه حركة رشاد في هذا اليوم المبارك إلى عموم الشعب الجزائري بالتهنئة في ذكرى مرور ستين عامًا على إعلان استقلال البلاد بعد مقاومة وطنية طويلة وثابتة وثورات شعبية قوية ونضال سياسي مستمرّ ضد الاحتلال ثمّ الاستدمار الفرنسي.
كان لهذه المناسبة المجيدة أن تكون فرصة للجميع – وعلى رأسهم نظام الحكم – لمراجعة ما تمّ تحقيقه من أهداف الثورة وآمال الجزائريين بعد ستة عقود من تحرير الأرض، ولمعاينة ما ينتظرهم من جهد من أجل تحرير الإنسان وخوض معركة التنمية البشرية التي شلّها الانسداد السياسي المزمن وعسكرة الدولة.
وقد جاء الحراك الشعبي في 22 من فيفري 2019 ليعبّر عن آمال الشعب الجزائري في النهوض ببلده والخروج من حالة ترهّل الدولة والخلاص من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة، وقدّم الحراك الكثير من المبادرات لانتقال سياسي توافقي آمن وسلس بمشاركة الجيش.
لكن الأجهزة الأمنية والمخابراتية المهيمنة على جميع مناحي الحياة في الجزائر لم تتجاوب بإيجابية مع الحراك، وعوض أن تواكبه وتتعاون معه من أجل بناء صرح جزائر قوية تسودها دولة القانون والحكم الراشد، فقد سعت ولا تزال جاهدة إلى إفشاله بشتى الطرق من قمع لرموزه ومحاولة لتشتيت صفوفه، بعد أن قرّرت الالتفاف على مطالب الشعب الجزائري وفرضت رؤيتها الأحادية وأعادت تشكيل واجهتها المدنية، الأمر الذي أدّى إلى تفكيك الجبهة الداخلية واضعاف الدولة وسحق الاقتصاد وتهميش المواطنين، ممّا يشكّل خطرًا حقيقيًا يحدق بالبلاد في سياق إقليمي ودولي متوتّر.
إن حركة رشاد تؤكّد أنّ العلاج الحقيقي والمستديم للوباء السياسي الذي تعاني منه الجزائر ليس في وصفات بالية جرّبت في السابق، ومغالطات سياسية تسوّق تحت مسمّيات الوئام والمصالحة ولمّ الشمل، إنّما يكمن في إطلاق حوار فعلي جامع لا يُقصي أحدًا تُناقش في إطاره كافة التحدّيات التي تواجهها البلاد، ويفضي إلى توافق واسع يضمن الانتقال السلمي والسلس والبدء في بناء مجتمع قويّ بوحدته مع تنوّعه، وتشييد دولة مدنية ماشي عسكرية ذات سيادة وعزّة تضمن لمواطنيها الأمن والازدهار.
إنّ حركة رشاد تولي أهميّة قصوى لتمدين الدولة كشرطٍ أساسي للنهوض بالجزائر واستعادة دورها الريادي في المنطقة، وتؤمن – كما أكّدت عليه في ميثاقها – بأنّ احترافية الجيش تُقاس بثلاثة معايير: أوّلًا، خضوع القوات المسلّحة والأمنية للرقابة المدنية؛ ثانيًا، مدى فعالية الجيش في القيام بمهامه الدستورية من حماية للبلاد في مختلف المجالات؛ ثالثًا، مدى نجاعة الجيش الوطني الشعبي في تسيير الموارد البشرية والمادية الموكلة إليها. فقوّة الجيوش ليست بكثرة عددها وعتادها وإنّما بالشرعية التي يمنحها إيّاها الشعب الذي يساندها، وبخضوعها لرقابته من خلال المؤسسات المعبّرة عن سيادته ممثّلة في البرلمان.
إنّ حركة رشاد تدعو النخب السياسية أن يكونوا في مستوى التحدّي الذي تفرضه المرحلة، وإلى تجنب الصراعات الهامشية أو الاستقطاب الأيديولوجي الذي تجاوزه الحراك على المستوى الشعبي، وتنخرط في حوارات بناءة بينها للتوافق على شكل جديد من العمل السياسي حتى تساهم بطريقة فعالة في تقوية المقاومة السلمية وحفظ اللحمة الوطنية التي ستضع حدًا لحكم العصابات وتبني دولة القانون والسيادة التامة للشعب.
وإنّ حركة رشاد، من جهتها، ونظرًا لتعذّر انعقاد مؤتمرها بسبب الانسداد السياسي والقمع الذي تعرفه الساحة الجزائرية، تعلن أنّ مجلس الحركة سينعقد قريبًا لتدارس الأوضاع واتخاذ المواقف الضرورية التي تقتضيها المرحلة على المستوى السياسي والتنظيمي.
إنّ حركة رشاد تدعو الجزائريين والجزائريات، الذين يملؤهم الفخر والاعتزاز بتضحيات الآباء الذين جلبوا الاستقلال، إلى الاستمرار في مقاومة فساد النظام والضغط المستمر من أجل إخراج الجزائر من حالة التخلّف والتخبّط والإسراع بها في اللحاق بركب التنمية والتقدم.
عاشت الجزائر سيّدة مستقلّة تضمن لمواطنيها الحرية والعزّة والكرامة، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار والتحية والإكبار لكلّ الأحرار والحرائر، وللمعتقلين منهم على وجه الخصوص.
حركة رشاد
5 جويلية 2022