مقالات

المناضل مصطفى قيرة في إضراب مفتوح عن الطعام

منذ عدة أيام دخل المناضل مصطفى قيرة في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على الأحكام التعسفية الصادرة في حقه. ليست المرة الاولى التي يلجأ مصطفى قيرة لمعركة الأمعاء الخاوية كوسيلة من وسائل المقاومة اللاعنفية للدفاع عن حقوقه وحقوق الحراكيين المعتقلين معه.

مصطفى قيرة مناضل سياسي من مواليد سنة 1964 بولاية برج بوعريريج، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء. عُرف بنشاطه السياسي والميداني منذ شبابه، وهو من مؤسسي اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين التي بدأت نشاطها سنة 2010، عمل كتاجر ثم تعرض إلى الكثير من المضايقات الأمنية على نشاطه التجاري بسبب نضاله السياسي إلى أن فقد عمله، معروف بمواقفه الشجاعة والنبيلة ونبذه لكل أشكال الظلم ومساندة الحق ونصرة المظلومين مهما كانت عقيدتهم ومهما كانت أيديولوجيتهم أو توجهاتهم السياسية ما جعله محبوبا عند كل من يعرفه.

تعرض مصطفي قيرة للسجن والمتابعات القضائية والرقابات الامنية اللصيقة منذ انطلاق الحراك الشعبي سنة 2019، حيث اعتقل بتاريخ 03 سبتمبر 2019 عندما قام بنزع “صابو” من سيارته “علما أنه كان متوقفا بطريقة قانونية” ولكن للتضييق عليه قام رجال الشرطة بربط سيارته ب “صابو” فنزعه من أجل اسعاف ابنه المريض الذي أصيب بنوبة ربو حادة، وعلى إثرها حكم عليه بالسجن النافذ لمدة سنة، وبعد استئناف الحكم بالمجلس القضائي خُفض الحكم لثمانية أشهر وغرامة مالية مقدرة بـ 100 ألف دينار جزائري. غادر مصطفى السجن بتاريخ 25 أفريل 2020 بعد انتهاء مدة محكوميته، ليعاد اختطافه من أمام منزله بتاريخ 14 جوان 2020، من طرف مجموعة من رجال الأمن بالزي المدني، مثل أمام قاضي التحقيق بعد ستة أيام من توقيفه، هذا الأخير وجه له جملة من التهم الواهية والملفقة تمثلت في: التقليل من شأن الأحكام القضائية، الإشادة بالأنشطة التي تدعو إلى الكراهية والتفرقة، جنحة إدارة حساب إلكتروني يروج للأخبار الكاذب، جناية المساهمة في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش وقت السلم، التحريض على التجمهر، ثم أطلق سراحه بتاريخ 21 أوت 2020.

لكن لم تتوقف العصابة عن مضايقته فاعتقل بتاريخ 8 سبتمبر 2020 واحتجز تحت التحقيق يوما كاملا ثم اطلق سراحه بالمساء، واختطف ايضا صبيحة يوم 4 ديسمبر 2020 من أمام منزله و تعرض للتحقيق طوال اليوم و أطلق سراحه مساءً، ليعاد اعتقاله بتاريخ 23 أفريل 2021 و اقتياده الى ولاية وهران للتحقيق وهناك تعرض الى تضييقات و معاملة سيئة والتعذيب النفسي، كما وجهت له عدة تهم جاهزة وكاذبة تغطيها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، منها جناية المؤامرة ضد أمن الدولة التي يكون الغرض منها تحريض المواطنين ضد سلطة الدولة والمساس بوحدة التراب الوطني، جناية الانخراط في منظمة تخريبية تنشط بالخارج وداخل الوطن، جنحة العرض لانظار الجمهور منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية.

وحسب هيئة الدفاع فمصطفى قيرة متابع بعشرون قضية. نقل بعد أشهر من اعتقاله الى سجن الحراش بعدما تم نقل ملفه الى القطب الجنائي لمحكمة سيدي امحمد، حكم عليه في 23 جانفي بثلاث سنوات حبس نافذة عن تهم تتعلق بالتحريض عن التجمهر، وفي قضية أخرى تتعلق بالمساس بوحدة التراب الوطني والتآمر على الدولة. أدين قيرة بأربعة سنوات سجن نافذة و لا تزال المحاكمات في أكثر من عشر قضايا بانتظاره.

مصطفى قيرة أصيب بمرض ضغط الدم داخل السجن بعدما وضع بزنزانة انفرادية لأكثر من ستة أشهر. فقد إبنه عبد الرؤوف الذي صارع مرض السرطان طيلة خمسة أشهر إلى أن وافته المنية بتاريخ 22 ماي 2022، سمحت إدارة السجون – بموجب المادة 56 من قانون تنظيم السجون – لمصطفى برؤية جثمان فلذة كبده، حيث اقتادته مجموعة من عناصر الدرك الوطني تحت حراسة مشددة يوم الجنازة إلى منزل العائلة، ليُلقي النظرة الاخيرة على ابنه وأعادوه الى السجن بسرعة دون السماح له بحضور الجنازة. شكّلت وفاة عبد الرؤوف صدمة نفسية لمصطفى قيرة الذي أصيب على إثرها بداء السُكّري وهو اليوم منهك صحياً ومعنوياً ورغم ذلك دخل يوم 6 جويلية في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على حبسه التعسُّفي وعن الاحكام الجائرة المسلطة عليه وعن عدم استفادة معتقلي الرأي من الافراج.

ليس مصطفى قيرة بمجرم بل هو سجين سياسي موقوف بسبب توجهاته وقناعاته السياسية. هو مواطن جزائري اختار طريق النضال السلمي من أجل جزائر حرة وديمقراطية، رفض الظلم والحقرة وناهض الدكتاتورية والاستبداد، مناضلٌ شهم متشبع بالوطنية مستعد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل وطنه ومن أجل جزائر مستقلة، فكيف يُمكن لأمثاله ان يتآمروا ضد وطنهم وضد مصلحة بلادهم؟

إنّ إضراب مصطفى قيرة عن الطعام هو دليل أن كل ما تقوم به العصابة من عقاب وتعسف لن ينال من عزيمته لأن رغبته في الحرية والحرية الشعب الجزائري في قلبه.