حق الرد

رد الدّكتور مراد دهينة على تبّون في حواره على جريدة le point الفرنسية

خلال الحوار الذي أجراه الصحافيين كمال داود وعدلان مدي، ولن أدخل في التفاصيل الشكلية للموضوع، حول من هما الصحافيين وماهية الجريدة ولماذا اختيرت جريدة فرنسية !؟، عديد التساؤلات طُرحت بهذا الخصوص وهي أسئلة مؤسسة وتستحق الطرح فعلا لكني سأتجاوز هذه النقطة.

الذي استوقفني وأنا أراجع الحوار (الذي من خلاله تتضح معالم شخصية تبون، لأنه يوجد أولا الشخص وثانيا العصابة -التي ينتمي إليها والتي استولت على السلطة بقوة السلاح وأؤكد على ذلك، فقايد صالح هو من فرض تبون بقوة السلاح في ديسمبر 2019) .

أرجع إلى النقطة التي أثارها تبون، فهو يقدم نفسه على أنه كان ضحية؟، ضحية من! ضحية النظام!!  في الحقيقة هذا ادعاء عجيب بل صادم فعلا، لا يمكن لشخصيات كهذه الادعاء بأنها “رجالات دولة”! لماذا؟ سأشرح:

في حين أن تبون يعترف بأنه ومنذ 50 سنة على الاقل ينتمي إلى النظام، كان والياً ووزيرا عدة مرات، الثابت أنه تقلد عدة مناصب مهمة، والناس تعرف تاريخه. الشيء الصادم عند رجال هذا النظام أنهم يشتكون دائما من النظام!.. وكأنهم يعتبرونه “شبحا” يدير الجزائر! ونحن نشاطرهم هذه النظرة على الاقل، نعلم أن هذا الشبح ما هو إلا “منظومة العسكر” لأن هذا النظام ذو نزعة عسكراتية، مجموعة جنرالات (ليسوا كلهم فمنهم التقني والمهني الذي يؤدي وظيفته كما يجب وهؤلاء لا غبار عليهم ) لكن هناك مجموعة من بينهم هي من تملك زمام “الحكم الفعلي” بشقيه البوليس السياسي والسلطة العسكراتية، والتي تستعمل دائما واجهة مدنية لها كما هو الحال مع تبون -الذي يقولها بوضوح.

تبون إذن يعتبر نفسه ضحية لأنه منع من العمل (و هذا الادعاء يكاد يكون ثابتا بل متكررا عند كل عميل -و انا أزن كلماتي-لزمرة الجنرالات العسكرية المتحكمة في البلد)- وكلامنا عن الجنرالات أو الالوية ليس اتهاما للوظيفة أو الرتبة العسكرية ،إنما نقصد الكمشة المتحكمة من الجنرالات التي بيدها القرار .

كل الوزراء والمسؤولين بما فيهم تبون”الرئيس بين قوسين!” يكررون نفس المعزوفة: نحن ضحايا هذا النظام وينتقدونه. والتقيت شخصيا بعدد منهم وكل يبرأ نفسه ويُلقي اللوم على النظام والسلطة!!، لكن السؤال الذي لا بد أن يطرح عليهم: من هو هذا النظام؟ فلتُسموه لنا؟ ولن يجرء أحدهم عن الإجابة، إما خوفا أو لأنهم صغار جدا، ويعلمون أن من صنع منهم ملوكا هم مجموعة الجنرالات المتحكمة التي احتكرت لنفسها ليس فقط خيرات البلد أو بعض المزايا بل كل البلد بما فيه وجعلوا شعبه رهينة إلى يومنا هذا.

تبون يقول كذلك أن المصالح الشخصية تنخر النظام تماما كما تفعل الغرغرينة في الجسد الموبوء -يخيل لك وكأنك تحلم وأنت تسمع هذا الكلام- بل أبعد من ذلك وهذا هو الأهم، يُصرح بأن التهجم على هذا النظام أمر خطير جدا بل وقاتل! (نداء من السيد تبون لكل المعارضين) يعلمكم أن التهجم على النظام الحاكم -الذي ينتمي إليه باعتباره واجهته المدنية- أمر خطير للغاية و قاتل لكم! هل هذا “تهديد” أم “إقرار” ؟،أتركك لكم الحرية في فهم مراده.

نسمع تبون يقول أيضا وهذا يوضح سلم المسؤوليات في هذا البلد، وهو يتحدث عن سعادته يوم كان في فترة العلاج في الخارج طبعاً! وسنتكلم عن هذا الموضوع، “إذ أن أفراد العصابة الحاكمة في الجزائر لا يتداوون في بلدهم” بل ينتقلون للعلاج في الخارج!” في حين يتبجحون بأننا نملك منظومة صحية جيدة، بل أبعد من ذلك نمتلك أحسن منظومة صحية في أفريقيا على قول تبون لكن أحدهم إذا أصيب بوجع بسيط يستقل الطائرة و يذهب ليتعالج في ألمانيا أو فرنسا أو سويسرا أو أي بلد آخر.

يقول تبون بأنه حينما كان يتعالج في ألمانيا اطلع وبفخر على الولاء التام للجيش، وخاصة من قائده “شنقريحة ” الذي كان يتواصل معه كل صباح -تقديس لمن يملك السلطة-، نعلم الأن بوضوح من يملك الحكم المركزي، ليس الرئيس المزعوم، وإنما هو من يملك العلبة السوداء، العلبة العسكراتية الذي هو على رأس القيادة العليا للجيش والبوليس السياسي.

نقاط عديدة يثيرها تبون سأطرح بعضها

تبون في حالة إنكار للواقع وعنده قراءة غريبة لأرقام واحصائيات لا يرقى إليها أدنى شك، فيقول مثلا حول انتخابه أن 10 ملايين انتخبت والأقلية من الجزائريين امتنعت عن التصويت!؟ هنا نتساءل: هل هو ضعيف في الحساب البسيط أو أنه طائش فهو ينكر الحقائق، لأن الاحصائيات الرسمية التي قدمتها الجهات الراعية له تقول بأنه بالنسبة للانتخابات الرئاسية ليوم 12-12-2019 كان عدد المسجلين للهيئة الناخبة يقدر بحوالي 24.5 مليون شخص، قدر عدد الأصوات المنتخبة المقبولة بحوالي 8.5 مليون بينما ألغي حولي 1.2 مليون تصويت، بمعنى أنه وبحسب إحصاءاتهم الرسمية لم يصوت إلا أقل من 40% من الجزائريين بينما امتنع أكثر من 60 % عن التصويت، فحسب تبون الضعيف جدا في الحساب البسيط: 60% هي الأقلية!.

من بين نسبة 40% “الأقلية المنتخبة” وحسب إحصائيات السلطة المتعودة على التزوير والتي تقر بذلك هي أيضا، إذ أنه تم توقيف ثم سجن جنرال ماجور “لواء” وتنزيل رتبته لاحقا لأدنى الرتب العسكرية بتهمة محاولة تزوير الانتخابات لصالح مترشح آخر اسمه عز الدين ميهوبي .

اذن لا يتطلب الأمر منك أن تكون عبقريا لتفهم أن الشعب لم يختار، وإنما إملاءات جنرال ماجور ساند تبون على حساب جنرال ماجور آخر ساند مترشحا آخرا وبالتالي زور الانتخابات لمن يحب. لهذا اقول أن تبون في حالة إنكار حتى أمام أرقام رسمية.

كما يتهم الحراك بأنه ليس ديمقراطي؟ لماذا يا ترى؟، لأنه حسبه فالحراك أراد “فرض” مرحلة انتقالية، “بينما الجميع يعلم أن الحراك يريد انتخابات حرة ونزيهة”، وعندما يتكلم الحراك عن المرحلة الانتقالية فإنها حتما تمر عبر انتخابات، وليس بالتعيينات كما عُين هو من طرف العسكر.

فصراحة هناك مشكلة في شخصية تبون، فمن جهة يدَّعي أنه ضحية من ضحايا هذا النظام، في نفس الوقت الذي يقر فيه بأنه جزء من هذا النظام على الاقل منذ 50 سنة!، وهذا حال المسؤولين المطرودين من النظام، (جنرال، والي، وزير…الخ) ما يفتأ أحدهم أن يُرمى حتى يتحول لمعارض شرس ضد نظام كان هو من مكوناته ويتملص من تورطه الشخصي، وهم كانوا من أدوات هذا النظام الذي استعملهم لقمع الآخرين ولإطالة عمره، هذا كان دوركم في نظام تسبونهم بعد أن شاركتموه.

عدة نقاط أخرى تطرق إليها تبون  

تكلم عن “رشاد” و “الماك” لأنه أقدم هو وجنرالاته على تصنيف الحركتين كتنظيمين “ارهابيين”، على أي قاعدة أسس هذا الاتهام؟ لا ندري لحد الساعة!، والغريب عندما سأل هذا السؤال أجاب بأن التنظيمين يقدمان أنفسهما كذلك!.

يا “تبون” في أي عالم أو كوكب تعيش؟، تبون لا يعرف العيش في الواقع، ولا يعترف بإحصاءات العصابة المُنتمي إليها أساسا حيث يقول بأن الأقلية (60%) هي من امتنعت عن التصويت!، ثم ينتقل للقول بأن كلا من رشاد والماك تقدم نفسها على أنها تنظيم إرهابي! يعني: متى وأين رأيت هذا يا تبون!؟ و نحن نردد مرارا و تكرارا (اتكلم هنا عن رشاد) بل واستطيع التكلم عن الماك هنا لأني انصافا لم التق أو أسمع أي تصريح من “الماك” يقول بأنها حركة إرهابية، أو تدعو الناس لحمل السلاح ضد النظام -اتحدث عن نفسي فأنا لم أر ذلك منهم – ونفس الشيء ينطبق على “رشاد”.

ما يلومه اذن تبون على رشاد -كما يقول- هو التعبئة والدعوة لمواجهة قوات الأمن و الجيش!

ردا على هذا الادعاء: أقول أولا: التعبئة مطلوبة في كل الحركات السياسية بل هي مقياس نجاحها، لكن عند فخامته تصبح  القدرة على تعبئة المواطنين جريمة يعاقب عليها، ثانيا: دعوى إعطاء أوامر للمناضلين لمواجهة قوات الأمن والجيش: هذا افتراء واضح،  بل بالعكس كانت التوجيهات من رشاد ومن الحراك عموما تجنب الاصطدام مع قوات الأمن.

وعلى هذا سارت آلاف أو عشرات الآلاف من النداءات والبيانات مفصلة في فيديوهات ودروس تكوينية كلها تدعو إلى السلمية والسير في طريق “لا عنفية” مطلقة، ولهذا نرى وإلى يومنا هذا مدى سلمية الحراك، و نأمل أن يبقى كذلك، و هو يمثل فعلا مثالا يحتذى به في المقاومة اللاعنفية.

من اين اذن تأتي هذه التلفيقات من السيد تبون؟ حقيقة لا أعلم، أظن أن “طريقة العمل” هاته تأتي من تخيله بأنه مدعوم من طرف أغلبية الجزائريين! هل هي دعاية “بروباغاندا” مثلا يحاول بها تغليط الناس؟ هذا ممكن، لكن أعتقد أن الأمر أخطر لأن هؤلاء القوم يعيشون في فقاعة خارج الزمن وبعيدا عن الشعب .

يدعي أيضا أن هناك “إقبال” بشغف على التشريعات المقبلة !؟ اتساءل مجددا في أي كوكب يعيش تبون؟، نريد فعلا أن نرى هذا “الشغف” لكن أين هو؟ هل يستطيع تبون أن يرينا ذلك عبر وسائل الإعلام والقنوات التابعة للنظام والممولة من مال الشعب والتي تعمل لمصالح العصابة المافيوية الحاكمة، هل يمكن ان يرينا تجمعات المترشحين والقاعات المملؤة بالألاف من المواطنين؟،  نزيد فعلا ان نرى ذلك، لكن الحقيقة عكس ما يقول.. قاعات فارغة واحتقار شعبي للمترشحين وللانتخابات التشريعية المزعومة، والله وحده يعلم كم بذّروا وضيعوا من أموال الشعب فقط ليبقوا في السلطة.

هناك أيضا احتقار للجزائريين وللقوانين القضائية، تذكرون لما سُئل تبون عن قضية الصحفي خالد درارني، أجاب مباشرة متهما الصحفي واستعمل كلمة “خبارجي” التي تعني ضمنياً التواطؤ والعمالة للخارج، وهذا اتهام خطير لصحفي يؤدي عمله لا أكثر ولا أقل، وهذا أيضا تدخل فاضح في عمل العدالة. هنا يتضح لنا مدى احترام تبون لمبدئ فصل السلطات، فإنه لا يعير أدنى احترام.

و خلال هذا الحوار الصحفي يفعل نفس الشيء، لما تعرض لقضية الصحفي “كاراش” من تمنراست -صحفي جريدة liberté- المتابع قضائيا والمسجون حاليا، إذ يقول عنه “بأنه صب الزيت على النار” ولا ندري هل قصد تبون المعنى المجازي أم الحقيقي “فليوضح الأمر”، لكن المهم هنا لماذا يحشر تبون أنفه في عمل القضاء مرة أخرى!؟،  في حين الجميع يعلم أن هذا الصحفي اعتقل وتوبع لأنه لم يمشي في طريق النظام، وكل ما في الأمر أنه يمارس عمله كصحفي لا أكثر ولا أقل، مرة اخرى يعطينا تبون كيف تنظر العصابة لحرية الصحافة ولاستقلالية القضاء.

بعض النقاط في حواره مضحكة، مثلا ما يتعلق بفتح الحدود والمشاكل التي رأيناها حول إجلاء الجزائريين العالقين بالخارج، جزائريون بقوا محتجزين في مطار فرنسي لمدة 40 يوم -ان لم تخني الذاكرة- فالجزائر رفضت استقبالهم في بلدهم! وهذا فريد من نوعه لم يحدث في العالم!. ثم يتبجح تبون ويقول بأننا أجلينا 80 ألف جزائري بدون أن يدفعوا شيء وهذا لم يحدث في العالم -على حسب قوله-، مرة أخرى نتعجب في أي عالم يعيش هذا الشخص!؟، فكلام كهذا لا يصدر إلا من جاهل أو شخص منقطع على العالم، شخص مُنكر للواقع، و هذا يعطينا مؤشر عدم ثقة في تحليلاته للقضايا الحالية والمستقبلية بل حتى الماضية، لا يعرف الحساب البديهي، لا يعرف التحليل، لا يعرف الحكم على الأمور، لا يعرف تثمين الأمور…الخ،  شخص بكل هذه النقائص ليس أهلا للمنصب الذي يشغله .

نصل إلى نقطة مهمة في نظري و سنرى لماذا اختير هذان الصحفيان و لماذا جريدة “le point ”  بالذات، يتمادى هنا ويطلق العنان لكلمات شكر مبالغ فيها كثيرا في حق “ماكرون”،  حيث يقول لنا تبون بأنه يكنُّ كامل الاحترام لماكرون-هنيئا لك- ، هو الرئيس الأكثر “استنارة” من بين كل الرؤساء الفرنسيين السابقين…”هو يرى ذلك”!

يضيف: من لا تعجبهم سياسة ماكرون اتجاه الجزائر هم أقلية صغيرة -أظنه يتحدث عن الفرنسيين-: و هنا نتساءل: ما هي العناصر و المؤشرات التي يحوزها تبون ليقول ذلك ؟ من يجرؤ على قول هذا في فرنسا ؟، أنا لا أملك هذه العناصر، بل قوله يثير عليه ضحك الفرنسيين. -هو يقول هذا عليكم ان تصدقوه- (و هذا يعطيكم مؤشر على مدى قيمة تصريحاته الاخرى) .

لماذا أيضا هذا التودد لماكرون ومحاولة الاقتراب منه ؟، سيجيبنا لاحقا وبطريقة صريحة واضحة وهو يتحدث عن الأزمة في مالي. في الوقت الذي يصرح فيه ماكرون عن انسحابه من مالي -لأسباب يقدمها- فيجيب وبكل شفافية ووضوح عندما سُئل حول إمكانية تدخل الجيش الجزائري في عمليات خارج الوطن، أن الدستور الجزائري يسمح بذلك، ثم أن الجزائر لن تسمح أن يكون شمال مالي “مرتعا” للإرهابيين.

إذن وبعد عديد تصريحات من تبون وحاشيته (نذكر هنا مجلة الجيش إذ اعتبرت في افتتاحيتها مسألة خروج الجيش للحرب خارج البلد مجرد اشاعات مغرضة يروجها المعارضون المتلاعب بهم )، فمن يقرأ تصريح تبون الأخير ويرى هذا التقرب من ماكرون أنى له أن يخفي توجسه من العواقب المحتملة التي ستترتب عن إرسال وحدات من الجيش الجزائري للقتال خارج البلد، في أفريقيا و الساحل ؟ لا يمكن إنكار هذه الدلالات بعد هذا التصريح الصريح، وأعتقد بأنه “هذا التصريح” كان الهدف “المبطن” لهذا الحوار، لأن باقي مقتطفات الحوار كانت عبارة عن “تجميعات” لتصريحات منحرفة، عشوائية، إنكار للواقع، قراءة معوجة لأرقام و احصائيات-ان لم تكن متعمدة لتزوير الواقع ومحاولة تغليط الرأي العام للتحكم فيه.

 كان هذا هو الهدف من وراء هذا الحوار، الدستور الجزائري يجيز هذا النوع من العمليات العسكرية في مالي وفي الساحل الأفريقي وأن الجزائر لن تسمح بكون شمال مالي مرتعا للإرهابيين، هذه كانت رسالة تبون بعثها عن طريق جريدة “le point”   عن طريق الصحافيين، وعن طريق المجاملات التي قالها لماكرون ومحاولات التقرب منه (وهو حر في ذلك ولن تسبب لنا مشكلة سواءً لي شخصيا أو كمعارضة) لكن الأمر اتضح جليا الآن ولا مجال لأحد أن ينكره.

كما أعتقد أن هذا الحوار جلب توضيحات حول شخصية تبون، حول مساره المهني داخل هذه المجموعة التي سمت نفسها “عصابة”، مجموعة جعلت من الجزائر رهينة لمصالحها، فهذا الحوار كشف عن عجز فاضح لتبون وعدم كفاءة في التسيير، كما حرف تصريحات الأشخاص بنية سيئة، وأظهر محاولة لتحريف أرقام و احصائيات -رغم أنها صدرت من السلطة التي وضعته رئيسا-.

كما تحدث أيضا عن موضوع الحراقة (شباب يهاجرون في قوارب لأوروبا بالمئات)، فقال بأن الجزائر وبالمقارنة مع دول الجوار عندها أقل عدد من الشباب المنتمين لتنظيم “الدولة الإسلامية “(وأنا لا أرى وجه العلاقة بين الموضوعين إلا كونه يستفز المغرب ؟ وربما يقصد تونس أو ليبيا !؟)  ثم يقول أن الجزائر أقل نسبة في عدد المهاجرين الغير شرعيين للخارج -الحراقة- !.. هل هذا صحيح؟ في حين تتوفر احصائيات أظنها لسنة 2020، تتحدث عن وفاة أكثر من 230 جزائري في عرض المتوسط حاولوا الهجرة لأوروبا -و أخشى أن تكون الأرقام أعلى بكثير!

وهنا ولا مواساة أو تعاطف من طرف تبون ومن عيَّنه لهؤلاء الشباب بل والأطفال فقد شاهدنا عائلات بأكملها تخاطر وتسلك هذا الطريق الصادم، طريق فقدان الأمل، طريق أنتجه نظام سياسي فاشل وعاجز لا ينتظر منه غير ذلك.

والفترة الوحيدة التي عشنا فيها توقف محاولات الهجرة عبر قوارب الموت كانت في بداية الحراك حيث أحس الناس بأنه هناك بداية جديدة مقبلة عليها الجزائر، وللأسف فإن فرض العسكر لتبون كرئيس أعاد ظاهرة الحرقة من جديد وبعدد أكبر.

لنلقي نظرة على احصائيات سنة 2021، وهي متاحة لأي واحد على محرك البحثGoogle، فموقع الهيئة العليا للاجئين يحصي أكثر من 10آلاف جزائري وصلوا أوربا خلال خمسة أشهر الأولى للسنة، حتى شهر ماي! رقم أرعبني حتى تساءلت إن كان هذا حقا موقع الهيئة العليا للاجئين!، ثم يخرج تبون ويقول لا ليس عندنا حراقة !؟.

صراحة إذا كانت هذه هي الجزائر الجديدة: فأين نحن ذاهبون !؟

تبون عليه أن يسكت ويذهب ليختفي بعيدا، لا يمثل الجزائر الجديدة وليس لديه شرعية ولا ذكاء ولا قدرة وكفاءة لإيجاد حل للجزائر، هو جزء من المشكل وجزء من المجموعة الحاكمة -ومنذ 50 سنة كما يعترف هو- ولا يمكن أن يكون جزءً من الحل طبعا ليس هو فقط بل هو، والجماعة التي عينته خاصة.

ولهذا فإن المنفذ والطريق الوحيد لبناء جزائر ديمقراطية، جزائر حقوق الإنسان للمواطنين والمواطنات وجزائر لا تدفع الجزائريين بطريقة صادمة ومهينة لهجرة بلدهم و تحمل المخاطر، لأنهم مدفوعون حقا هو بناء هذه الدولة التي ينشدها الشعب، والتي هي اليوم وبكل أسف رهينة نظام مافيوي ليس له هدف إلا العمل على إسقاط الحراك وسجن مناضلي حقوق الإنسان والصحفيين والشباب والأطفال وحتى النساء، لكنه لن يستطيع إيقاف الحراك مهما فعل، فمآل الحراك إلا الانتصار.  

د. مراد دهينة مترجم من برنامج معاً رشاد 3 جوان 2021