مقالات وحدة الدراسات

حرب المعلومات عبر الاعترافات المروّج لها إعلاميا

إعداد مسرحي “لاعترافات” بن حليمة المكيّفة، لإرضاء المستنطق

يوسف بجاوي ويونس بن موسى

حركة رشاد، 1 أبريل 2022

“اعترافات، موجة اعتذار: لماذا هذا التعطش للإذلال؟ صمتٌ يسدل ستاره. يحومون حوله مثلهم مثل صيادين يحاصرون وحشًا غريبًا؛ ولا يعرفون كيف القضاء عليه.” (جون ماكسوال كوتزي، العار)

نشرت المديرية العامة للأمن الوطني (DGSN) يوم الأحد الماضي، 27 مارس 2022، شريط فيديو يتضمن اعترافات المبلّغ عن الفساد، بن حليمة محمد عزوز (بن حليمة)، تم بثه على التلفزيون الوطني، في وقت ذروة المشاهدة (الثامنة مساءً)، فضلًا عن نشره على حسابات Facebook وTwitter وYouTube التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني. قبل ذلك بساعات قليلة، أصدرت هذه الحسابات وبعض العناوين الصحفية على الإنترنت، تنبيهات تعلن فيها عن بث وشيك لـ”اعترافات خطيرة” لمحمد بن حليمة1 على التلفزيون الحكومي. وبعد بث هذا الشريط، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية خبرًا تحت عنوان “اعتراف المعتقل بن حليمة: تنظيم ‘رشاد’ متوّرط في خطط تستهدف استقرار الجزائر”2، في حين جاء في مقالة على موقع TSA تحت عنوان “الجندي السابق محمد بن حليمة، الذي سلّمته إسبانيا، يدلي باعترافات”3، بينما أبرزت العناوين الرئيسية في الصحف الناطقة بالعربية الطابع “المروّع” و”الخطير” لـ “اعترافات” محمد بن حليمة4.

هل يتعلق الأمر فعلًا باعترافات مثلما تروّج لها وسائل الإعلام الخاضعة للمخابرات (المديرية العامة للأمن الداخلي DGSI)؟ وهل ما بثه التلفزيون الحكومي من تصريحات لبن حليمة اعترافات طوعية أم  هي اعترافات مكيّفة استرضاءً للمستنطِق، انتُزعت منه تحت الإكراه؟

من المعلوم أن استخدام الاعترافات الاستعراضية، سلوك قديم أدمن عليه جهاز العدالة الخاضع لتعليمات وإملاءات النظام الحاكم في البلاد، على غرار ما يحدث في أماكن أخرى في العديد من الأنظمة الشمولية أو الديكتاتورية (الصين وروسيا وكوريا الشمالية وسوريا على سبيل المثال). ما الذي تخبرنا به الأدوات التحليلية لمشاهد الاعتراف والتوبة، المعدّة من قبل المديرية العامة للأمن الداخلي، في شريط الفيديو الأخير؟ وما هي فئات المتفرجين المستهدَفة من هذا الإخراج المسرحي لاعترافات بن حليمة وتغطيته الإعلامية، وما هي الرسائل السياسية الموّجهة لهم؟ ومن أيّ ناحية، وإلى أيّ مدى، ستؤثر مسخرة الاعتراف التلفزيوني لبن حليمة، على الإجراءات القانونية المتعلقة به؟

سنحاول من خلال هذا التقرير أن نجيب على كل هذه التساؤلات التي يطرحها عدد من نشطاء الحراك.

1. اعترافات طوعية أم اعترافات مكيّفة تحت الإكراه لإرضاء المستنطِق؟

بادئ ذي بدء، لنفترض جدلًا أن تصريحات محمد بن حليمة تشكّل اعترافات، وهو ما سيتم دحضه لاحقًا. من المعلوم على نطاق واسع أن هناك اعترافات طوعية حقيقية واعترافات حقيقية منتزعة بالإكراه، لكن ما لا نعلم عنه سوى القليل هو أن هناك: 1) اعترافات كاذبة طوعية، و2) اعترافات كاذبة مكيّفة لاسترضاء المستنطِق، تمّ الحصول عليها بالإكراه، وكذلك 3) اعترافات كاذبة ذاتية، وفق تصنيف شاول كاسين5. الاعترافات الكاذبة الطوعية تكون حسب كاسين، عندما يدلي بها المرء بحرية، كما يفعل أحد الوالدين، على سبيل المثال، لتحويل الانتباه عن ابنه الذي ارتكب جريمة. الاعترافات الكاذبة المكيّفة، هي تلك التي يدلي بها الشخص للتهرب من وضعية عصيبة وضاغطة، مثل تجنب التعرض للتعذيب، أو لتلقي مكافأة موعودة أو ضمنية. تنشأ الاعترافات الكاذبة الذاتية عن الحالات التي يعتقد فيها الشخص حقًا أنه ارتكب جريمة، تحت تأثير تقنيات الاستجواب، الموحية بحذاقة بالغة (تقنية ريد، على سبيل المثال).

تتضمن تصريحات بن حليمة في فيديو المديرية العامة للأمن الوطني، بضعة تصريحات تبدو صحيحةً والكثير من التصريحات الزائفة. الصنف الأول يتعلق بالتفاصيل التي يعرفها جلّ الحراكيين والمتعلقة بالفترة ما قبل ترحيله (على سبيل المثال، ظروف إقامته في إسبانيا، أو فراره إلى فرنسا، أو اعتقاله في البرتغال، أو خلافه مع أمير دي زاد). من السهل التعرف على تصريحاته الزائفة في الفيديو، لسبب بسيط، وهو كونها تتناقض كليًا مع التصريحات التي أدلى بها عندما كان حرًا طليقًا في أوروبا. ليس الغرض من هذه الورقة، إجراء جرد وفرز بين هاتين المجموعتين من التصريحات، وهو أمر قد يتطلّب وقتًا أطول. فالهدف المتوخى هنا هو إثبات أن التصريحات المزيفة التي أدلى بها بن حليمة، تشكّل اعترافات كاذبة مكيّفة (ترضي المستنطق) تمّ الحصول عليها بالإكراه.

شككت مجموعة الصحفيين الخاضعين لقيادة الجيش وبعض مستخدمي الإنترنت، في تصريحات كل من قال بأن بن حليمة قد أدلى بتلك الاعترافات تحت الإكراه، بحجة أنه لم تظهر على وجهه أيّ علامات واضحة للتعذيب أو سوء المعاملة. إن الاستنتاج بأنّ بن حليمة قد تحدّث بحرية، المستخلص فقط من غياب آثار التعذيب الجسدي على وجهه، استنتاج جدّ متسرّع بل ومريب.

هل من الضروري أن نذكّر بأن بن حليمة لم يتوّجه بمحض إرادته وبحرية إلى المديرية العامة للأمن الوطني، رغبةً منه في الاعتراف أو التحدّث علانيةً أمام الجمهور. فلا بد من التذكير أيضًا بأنه تمّ ترحيله قسرًا من إسبانيا – أين كان طلب اللجوء السياسي – باتجاه الجزائر حيث يتحكّم النظام العسكري الذي هرب منه بإرادته. احتمال التلاعب ببن حليمة (“المُغرّر به” وفق عباراته الواردة في الفيديو) من قِبل منظمة رشاد عندما كان في أوروبا، ثم استعاد إرادته وتوازنه في ضيافة المديرية العامة للأمن الداخلي، يساوي احتمال ولوج الجمل في سَمّ الخياط.

قامت الدراسات التي أجريت على الاعترافات الكاذبة بإحصاء عدد من التقنيات التي يمكن أن تُكره المتهم على الاعتراف حتى من دون تعريضه للإيذاء الجسدي، كحالات التعب المفرط والضغط والجوع التي تضر بالقدرات الإدراكية للمعتقل؛ إذا أضفنا إلى ذلك، حرمانه من محامٍ يبيّن له حقوقه، يمكن لتلميحات كاذبة ومخادعة، حول عناصر التهم الموجهة إليه، مُرفقة بممارسة الابتزاز بخصوص مدة عقوبة السجن، أن تؤدي إلى اعترافات كاذبة. إنّ حالة الوهن الناجمة عن السجن الانفرادي، أو نتيجة قلة النوم أو حتى حرمانه منه تمامًا، أو بالتعريض بالتناوب للسخونة والبرودة، والنور والظلام، والاستجواب والعزل، كل ذلك يدفع العديد من المتهمين إلى الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها قط. كما أنّ التهديد بتعذيب المحتجز له فاعليته هو أيضًا، ويتمّ عن طريق التلميح، على سبيل المثال، من خلال إسماع أصوات حقيقية، أو مسجلة مسبقًا، صادرة عن ضحايا أثناء تعرضهم للتعذيب في غرفة مجاورة، أو اعتداء جنسي (لمس الأماكن الحميمة على سبيل المثال)، أو حتى من خلال التلويح أمامه بأدوات التعذيب، أو عن طريق تهديدات لفظية صريحة. قد يستهدف التهديد أيضًا أفراد عائلة المحتجز، وكمثال على ذلك، نعرف أن الحراكية فاطمة الزهراء بوراس، التي تمّ التحقيق معها في أوائل يونيو 2021، في نفس المكان الذي استُجوب فيه بن حليمة، قد تعرّضت للتهديد بسجن والدتها المريضة وشقيقتها، اللتين سبق استخدامهما كرهينتين أيضًا لاعتقالها6. ومثل هذا الأمر ليس بالجديد، حيث أن ما تقوم به المديرية العامة للأمن الداخلي هو مواصلة “تقاليد” مديرية دائرة الاستعلام والأمن التي خلّد زعيمها، الجنرال مدين، اسمه عبر الأجيال، من خلال التهديد بالتعذيب الذي وجّهه ضد فؤاد بولامية ووالدته.7 وتؤكد منظمات حقوقية جزائرية ودولية أنّ التعذيب وسوء المعاملة مستمرّان في “الجزائر الجديدة” التي وعد بها تبون.8 هناك عدد من الأسباب المحتملة التي يمكنها أن تفسر سبب ارتعاش بن حليمة، في أربعة مشاهد في الفيديو: في اللحظات (الطوابع الزمنية) 9د16ث، 12د14ث، 20د08ث و 23د15ث.

رأى بعض الصحفيين والمواطنين على الشبكات الاجتماعية أن تسجيل “شهادة” بن حليمة تمّ في جلسة واحدة، وجرى في أجواء مريحة بين بن حليمة والمحقّق غير المرئي9. لكن الواقع بعيد كل البعد عن ذلك. تشير التحليلات التي تنظر في الاعترافات التي تبثها الأنظمة الديكتاتورية عبر وسائلها الإعلامية، أنّ هذه الشهادات ليست عروض “حيّة” كما تدّعيه هذه الأنظمة، بل هي اعترافات مركبّة بدقّة، يتمّ عرضها في إخراج يخدم الهدف المراد من قِبل هذه الأنظمة. كافة الجوانب المرئية الخاصة بالغرفة التي يتمّ فيها تقديم الاعتراف والإضاءة والملابس الشخصية للمعتقل، يتمّ إعدادها بإحكامٍ، في عملية توحي للمشاهد وتسعى إلى إقناعه، بأنّ المعتقل في حالة مريحة ويحظى بمعاملة جيدة.10 ثم يتمّ تصوير الاعترافات وصياغتها وتركيبها بالشكل الذي يخدم الجهات المعنية. غالبًا ما يتمّ التصوير في عدة مشاهد، على مدى عدة أيام، ويتمّ تركيب شريط الفيديو على نحو يعطي الانطباع بأنّ “الاعترافات التلقائية” تم الإدلاء بها في جلسة واحدة. ثم يتولّى خبراء مهنيون يعملون في التلفزيون الحكومي بعملية تركيب الفيلم تحت إشراف مسؤولي الدعاية. سنقوم الآن بتفكيك هذه المسخرة الفاضحة، التي قُدمت على أنّها اعترافات، من خلال تحليل فيديو محمد بن حليمة الذي أنتجته مديرية DGSI ووزعته DGSN.

3 تحليل تشريحي لفيديو اعترافات بن حليمة

يكشف التحليل التشريحي البدائي لتصميم المشهد عن مهزلة سياسية قضائية.   

يتجلى عنصران من تصميم المشهد: وجود مُستَجْوِب خفيّ، وزاوية التصوير المنحازة للكاميرا. فخلال طيلة التسجيل لم تركز الكاميرا إلا على بن حليمة لتصوّر من الجانب على مستوى الخصر. تمّ تصوير بن حليمة دون علمه وهذا دليل آخر عن طبيعة الفيديو المفبركة فهو لم ينظر إلى عدسة الكاميرا الموضوعة بجانبه. فهذا مشهد مصمّم للخداع.

أثبتت الدراسات السيكولوجية حول تقييم الاعترافات المصوّرة أثناء استجوابات الشرطة أنّ الانطباع عن الإكراه ودرجته مرتبطان بتوجيه الكاميرا أثناء التسجيل[12]. فتوجيه الكاميرا حصريا على المشتبه به، أو على الشرطي، أو كليهما بحيث يظهران في نفس الوقت، يؤثر بشدة  على تقييم المشاهد للاعتراف كونه اعترافًا عفويًا أم لا، وعلى درجة الضغط التي تعرضّ له المشتبه به سواءً أكان مذنبًا أم بريئا [13]. 

التوجيه البصري يعتبر وسيطًا لتحيز منظور الكاميرا، عندما تركز الكاميرا بشكل حصري على المشتبه به، يميل المشاهد الى الاعتقاد أنّ الاعتراف تمّ بحرية، بينما يؤدي تصوير المشتبه به والمحقق معًا أو استعمال تسجيل صوتي أو نسخ تسلسل الاستجواب إلى نتيجة مختلفة [14] 

لذلك ليس من المستغرب أن يرى البعض في فيديو بن حليمة تصويرًا لاعترافٍ طوعيٍ.

دعونا الآن نلقي نظرة على بعض جوانب التركيب. يدلّ تحليل الفيديو باستخدام برنامج معاينة فيديو أو تركيب مثل برنامج Adobe première الى وجود 111 تقطيعٍ للتسجيل الذي طوله 27 دقيقة و57 ثانية، أي بمعدل تقطيع واحد كل 15 ثانية. ويمكن لأيّ شخص التأكّد من ذلك بواسطة أيّ برنامج لتحرير الفيديوهات. على عكس مظهر التفريغ التلقائي للاعترافات، فإننا نتعامل بالفعل مع لقطات مقطّعة بشكل كبير لكن تمّ تركيبها بمهارة.

يكشف التحليل الاحصائي لطول التقطيعات بشكل خاص عن الطبيعة المقيّدة  لتصريحات بن حليمة. يظهر الرسم البياني لهذه الفترات في الشكل 1. متوسط المقاطع هو 14.9 ثانية والمتوسط 10.5 ثانية والأدنى 0.5 ثانية أمّا الحد الأقصى فهو 73.6 ثانية. نرى على الرسم البياني أن طريقة التوزيع، أي القيمة الأكثر شيوعًا للتصوير هي 4 ثوانٍ. نظرًا لأن متوسط ​​معدل الكلام في أي محادثة عادية يتراوح بين 120 و150 كلمة في الدقيقة (حسب الأشخاص والثقافات)، فإن هذا يعني أن مقطع فيديو بن حليمة قد تمّ لصقه إلى حد كبير حيث لا يقوم المبلّغ عن الفساد إلا بنطق ما بين 8 و10 كلمات فقط. وبالتالي، فإن مظهر الاستمرارية في الفيديو يتناقض تمامًا مع ماهيته السمعية البصرية المقطّعة بشكل كبير.

على يمين الرسم البياني، نلاحظ بعض اللقطات التي تزيد عن 50 ثانية. ربما يرجع عدم تقطيع هذه اللقطات الطويلة نسبيًا مقارنة بالباقي إلى كون بن حليمة كان فيها مسترسلًا وأن تصريحاته لم تزعج كثيرًا منتجي الفيديو من عناصر المديرية العامة للأمن الوطني. من المثير للاهتمام أن هذه اللقطات تتعلق بشكل أساسي بتصريحات بن حليمة على أمير ديزاد.

الرسم البياني 1

تغيير “وضع” إلى “منوال” في الرسم البياني

تغيير “دقيقة” إلى “حدّ أدنى” في الرسم البياني

دعونا الآن نركز على تحليل الصور وترتيبها.

لكي نتأكّد إن كان التسجيل متواصلًا أم لا، سنختبر إضاءة الخلفية لكل الصور المكونة للفيديو، يتمّ ذلك باستخراج الصور باستعمال برنامج FFMPEG، ثم نحوّل كل صورة من النموذج اللوني (الأحمر، الأخضر والأزرق) إلى نموذج آخر يُوصِّف كل لون بثلاث مكونات: الصبغة، الإشباع والقيمة، كما هو موضح في الجدولين 1 و 2.

أزرقأخضرأحمر الصورة الأصلية
الجدول 1: تفكيك الصور إلى طبقات RGB

القيمة

الإشباع
الصبغةالصورة الأصلية
الجدول 2: تفكيك الصور إلى طبقات HSV

بعد الحصول على طبقات الصبغة، الإشباع والقيمة، نقوم باختبار استمرارية مستويات الصبغة والإشباع في أجزاء الصور التي تشكّل الخلفية، حيث لا يُتوقع وجود قفزات في مستوياتها بين صور متتالية مادامت طبيعة التسجيل متواصلة ودون تغييرات مفاجئة في الإضاءة.

لقياس ظروف الإضاءة الخلفية، تمّ تحديد مربع مساحته 400*400 نقطة متواجد في يسار أسفل الفيديو حتى يشمل جزءًا معتبرًا من الخلفية كما هو معلّم في الصورة 2 بإطار أحمر.

تمثّل الصورة 3(أ) تغيّر مستوى الإشباع المتوسط للخلفية مقابل رقم الصورة (كل ثانية من الفيديو متكوّنة من 25 صورة)، يمكن بوضوح ملاحظة قفزات في مستوى التشبع بين مستويين. تمثل الصورة 3ب رسمًا للمدرج التكراري (histogram) لمستويات الإشباع في الخلفية يبرز مجموعتين: المجموعة “أ” ذات مستوى تشبع يتراوح بين 4و6، ومجموعة “ب” تتراوح قيمة التشبع بين 13 و18. حساب ورسم نفس البيانات باستعمال مستوى القيمة الضوئية للخلفية (الصورتان 4(أ) و 4(ب)) يؤكدان أنه تم استعمال تسجيلين مختلفين في ظروف الإضاءة  من أجل إنتاج فيديو بن حليمة، ويمكن التمييز بين التسجيلين بمقارنة مستوى الإشباع في الخلفية مع مستوى إشباع يبلغ 10.


الشكل 3 (أ)

الشكل 3 (ب)
الشكل 4  (أ)
الشكل 4 (ب)

لا يُفهم بالضرورة من أن وجود تسجيلين يستلزم أن توقيت تسجيلهما كان مختلفًا، فيمكن تسجيل نفس المشهد باستعمال كاميرتين مختلفتين في إعدادات التصوير: فتحة العدسة، سرعة الإيزو (ISO) وسرعة الغالق، فينتجان تسجلين مختلفين في شروط إضاءة الخلفية.

من أجل حسم عدد التسجيلات والعلاقة بينها، يمكننا المقارنة بصريًا بين عدة صور من كل تسجيل. الشكل 5 يوضح العيّنات التي تمّ اختيارها. الصور 1، 3 و5 مستوى الإشباع فيها أكثر من عشرة، بينما مستوى الإشباع في الصور 2، 4 و6 أقل من عشرة. ويوضح الجدولان 3 و4 العينات المختارة.

الشكل 5

رقم العيّنة35
الوقت (س)5000 (03m20s)15000 (7m00s)27000 (18m:00)
مستوى الإشباع16.9215.3415.75
الجدول 3: عينة من الصور ذات إشباع أكبر من 10
رقم العيّنة46
الوقت (س)5000 (03m20s)15000 (7m00s)27000 (18m:00)
مستوى الإشباع16.9215.3415.75
الجدول 4: عينة من الصور ذات إشباع أقل من 10


تُظهر المقارنة الدقيقة بين عيّنات التسجيلين وجود مميّزات جديدة يَجدر أخذها بعين الاعتبار:1) وضعية الكرسي مختلفة. لتسهيل المقارنة يمكن التركيز على ذراع الكرسي; 2) مدى انفتاح المعطف ووجود قميص أبيض (T-shirt) تحت الصدار الأسود. عوامل الاختلاف هذه موضّحة في الجدول 5.

تغيير وضعية الكرسي لا يدل بالضرورة على وجود تسجيل ثان، لأن ذلك يمكن أن يكون راجعًا إلى تغيير موضع الكاميرا، لكن مدى انفتاح المعطف ووجود قميص أبيض (T-shirt) إضافة إلى العلاقة المترابطة مع مستوى إشباع الخلفية عبر المقاطع الـ 111، كلها تثبت دون أدنى شك أنه قد تمّ اعتماد حصتي تصوير مختلفتين من أجل إنتاج هذا الفيديو.

المعطيات الصوتية تؤيد تمامًا هذا الاستنتاج،  ففي الطابع الزمني 17د 40ث صرّح بن حليمة أنه نام جيدًا، بينما في الطابع الزمني 24د 19ث يقول: “زارني اليوم ميلود ( أخو العربي زيطوط )”، يعني يوم ترحيله. 

التحليل صورة بصورة أعلاه يسمح لنا أيضًا باستخلاص استنتاجات حول مرحلة ما بعد إنتاج الفيديو يبيّن الشكلان 3(أ) و 4(أ) بوضوح استخدام عملية مونتاج متناوب، فقد تم دمج الصور التي تم تصويرها في الجلسة الأولى مع صور أخرى تم تصويرها في الجلسة الثانية، والعكس بالعكس، وذلك للإيحاء باستمرارية موضوعية وزمنية مصطنعة.

من الناحية السمعية، يمكننا أيضًا ملاحظة ذلك ففي الطابع الزمني 17د و40 ث، صرح بن حليمة أنه نام جيدًا، بينما في الطابع الزمني 24د و19ث يتحدث عن يوم ترحيله، مما يخالف ترتيب التسلسل الزمني الفعلي. أخيرًا، فإن إضافة صور الأشخاص المذكورين في “الاعترافات” في الجزء العلوي الأيسر من الإطار لغرض دعاية دنيئة يقوّض بدرجة أكبر صحة الفيديو والقيمة القانونية التي يمكن إعطاؤها له.

حصة التصوير 1حصة التصوير 2
مستوى الإشباع > 10< 10
وضعية ذراع الكرسي
فتحة المعطف
قميص أبيض
الجدول 5: تمييز العوامل بين جلسات التسجيل

التحليل التشريحي للفيديو يوضّح أنّ الظهور الطوعي لتصريحات  بن حليمة مزيّف، وأنّ الاعتراف التلقائي لبن حليمة ما هو إلا نتيجة لإعداد مسرحي، بصور وحوارات متقطّعة متلاعب بها. هذا الفيديو ليس أصليًا، وليس دليلًا جنائيًا ضد بن حليمة، بل على العكس هو دليل مادي لا يُمحى على جريمة في حقه.

3. اعتراف قضائي أم تسميم إعلامي؟

من الجدير بالتذكير أنّ بن حليمة، العريف السابق في الجيش، نشط في الحراك منذ بدايته في عام 2019، وأصبح مُبلّغًا عن الفساد، يقوم بكشف عمليات الفساد المنتشرة وسط كبار المسؤولين العسكريين الجزائريين. وقد فرّ من البلاد في العام نفسه، بعد أن علم أنه مدرج على قائمة العسكريين الذين يرتقب اعتقالهم لمشاركتهم النشطة في الحراك.

علمًا أن الاعتراف القضائي هو إجراءٌ قانوني القصد منه الاعتراف بالجنح أو الجرائم المفترض ارتكابها من طرف المتهم. وفق هذا التعريف، لو كان الفيديو الذي وزّعته المديرية العامة للأمن الوطني يمثّل بالفعل اعترافًا مثلما يراد إظهاره للجمهور، لكان من المنتظر أن توّضح مجموعة تصريحات بن حليمة، طبيعة وتفاصيل الجنح أو الجرائم التي يُزعم أنه ارتكبها أو على الأقل أن تركّز عليها. في حين، ما نلاحظه هو أن الشطر الوحيد من الفيديو الذي يتضمّن شبه اعتراف هو في المقطع الذي يطلب فيه الصفح من رئيس الدولة، تبون. ويوجد هذا المقطع، الذي يستمر 1 دقيقة و50 ثانية من أصل 27 دقيقة و57 ثانية، في نهاية الفيديو (25د 30ث)، ليسدل الستار على خاتمة الملحمة. من المعروف أنّ الاعترافات التي تُبثّ عبر وسائل الإعلام، وخاصة التلفزيون الحكومي، في النُظم الديكتاتورية، تُختتم بعرض عاطفي والشعور بالعار من طرف المتهم، لجعل طقوس الاعتراف قابلة للتصديق، وكذلك لإثبات قوة الديكتاتوريين وسلطتهم الجبارة، من خلال الارتعاش ودموع أولئك الذين تجرؤوا على تحدّيهم11. يعتقد فوكو أن الدور الرئيسي للاعتراف العلني هو تأديب الأشخاص.12

ومع ذلك، حتى في هذا المقطع الخاص بالتوبة وطلب الصفح، فإنّ الوقائع الدقيقة الوحيدة التي يجرّم بها بن حليمة نفسه تستمر 7 ثوان فقط، من اللحظة 26د09ث إلى 26د 16ث عندما يصرح: “لقد ارتكبتُ أخطاء، لقد أسأتُ إلى أشخاص، وآمل أن الذين أسأتُ إليهم أو تحدثت عنهم يغفرون لي”. ولم يقدّم مقطع الفيديو الذي بثته المديرية العامة للأمن الوطني، أيّ طلب توضيح أو تحقيق أو استكشاف حول هذه “الأخطاء” أو “الإهانات”، التي يُفترض أنها تتعلّق بالمخالفات أو الجرائم المتعلقة بأنشطته كمبلّغ عن الفساد.

وهذا يبيّن بشكل جليّ أنّ الفيديو لا يمتّ بصلة بالاعتراف القانوني، لأنّ بقية الشريط (26 من أصل 28 دقيقة) لا علاقة له بتاتًا بالوضع القانوني لبن حليمة، بل هو مُكرّس بالكامل لدعاية سياسية، الغرض منها عملية تسميم وتضليل إعلامي.

إنّ الرسائل التي يوّجهها هذا الفيديو من التسميم الإعلامي، تختلف بحسب أصناف فئات المشاهدين التي يستهدفها الفيديو. بالنسبة للحراك، يوجّه الفيديو رسالة مفادها أن جزءًا من الحراك في الخارج، مغرّر به ومتلاعَبٌ به ومخترق من قِبل نشطاء من رشاد وخارج رشاد، ويوجد ضمن لجنة دعم محمد عبد الله ومحمد بن حليمة، مجموعة من المحتالين، لا يحملون أيّ قضية سياسية، ويحوّلون لحساباتهم الخاصة مداخيل الباي بال PayPal تارة، ويُزوّرن المستندات تارة أخرى. وحسب هذا الفيديو، محمد العربي زيتوت مجرّد ناشط على YouTube وشخص نرجسي، مهووس بالمال واستجلاب الأنظار. والغرض من هذا التسميم الإعلامي واضح: دفع العدو السياسي (رشاد من بين آخرين) إلى الراديكالية لتشتيت لحمة الحراك وتمزيق صفوفه، ونشر الانطباع عن جبروت النظام الذي لا يُقهر، لإضعاف معنويات الحراك، وإسكاته، وتأديبه، وردع كل محاولات الاحتجاج والتظاهر، والإيحاء بأنّ سبيل النجاة الوحيد أمام الحراكيين هو التوبة والطاعة لتبون والجنرالات المتوارين خلفه.

فئة الجمهور الأخرى المستهدفة من هذا الفيديو، والتي لا تقلّ أهمية، هي تلك المرتبطة مباشرة ببن حليمة وترى نفسها من خلاله: الجنود وضباط الصف وضباط الجيش بالإضافة إلى غيرهم من عناصر الأجهزة الأمنية. الرسالة التي يوّجهها إليهم هذا الفيديو مفادها أن لقادة الجيش أذرع طويلة، وبإمكانهم الوصول إلى أيّ مُبلّغ عن الفساد، يتجرّأ على كسر قانون الصمت “الأوميرتا” حول الفساد داخل الجيش، أينما وُجِد وحيثما تخفّى، وأنه سينتهي به الأمر إلى الاعتراف علانية والانبطاح عند أقدامهم، للتوبة وطلب الصفح.

4. فيديو بن حليمة من منظور القانون الدولي الذي صادقت عليه الجزائر

بالنظر إلى الطابع والبعد السياسيين لمحتوى الفيديو، يحِقّ لنا أساسًا أن نستنتج أن الذين حقّقوا مع بن حليمة والذين أخرجوا الفيديو وركّبوه، لم يكونوا من ضباط الشرطة القضائية الذين يجرون تحقيقًا أوليًا عاديًا، إنما هم عملاء من المديرية العامة للأمن الداخلي DGSI. ولم يقتنع أحد بشعار DGSN الملصق على الفيديو، ولم ينخدع به أي مشاهد. كانت “الاعترافات” المصوّرة التي انتُزعت منه وتمّ نشرها اعترافات خارج إطار القانون.

أُجبِر بن حليمة على الإدلاء بالتصريحات التي تمّ بثها على التلفزيون الحكومي، على الرغم من أنّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه الجزائر، ينصّ في مادته 14(3 ز)، على “ألا يكره أي شخص على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.” إلى جانب ذلك، فإنّ البث العلني لاعترافات أيّ متهم قبل إجراء المحاكمة يجعل منها مجرّد إجراء شكلي. فبعد أن يدلي المشتبه به باعترافات على شاشة التلفزيون الحكومي، هل هناك مدعي عام، سيجرؤ على عدم توجيه الاتهام إليه، وهل يمكن العثور على قاضي يخاطر بنفسه ويرفض إدانته، حتى في حالة تراجع المتّهم عن اعترافه فيما بعد؟ 13 وهذا الوضع في حدّ ذاته يمسّ بشكل خطير الحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليها في نفس العهد، في المادة 14(1)، التي تنص على أنه ” من حق كل فرد، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون، والتي يعود لها قرار الفصل […] في حيثيات أي تهم جنائية موجهة ضده.”

من ناحية أخرى، لقد انتهك عملاء المديرية العامة للأمن الداخلي DGSI مبادئ القانون الدولي الذي يحمي المبلّغين عن الفساد.14 تنص المادة 19(2) من نفس العهد على أن ” لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”. بالإضافة إلى ذلك، صادقت الجزائر في عام 2004 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تتضمن في مادتها 33 أحكامًا تتعلق بحماية الأشخاص المبلّغين عن الفساد.

5. عن ثقافة الموت في الختام

على عكس ما نقلته وسائل الإعلام الخاضعة للنظام العسكري، فإنّ مقطع الفيديو الخاص بالمبلّغ عن الفساد بن حليمة، الذي نشرته المديرية العامة للأمن الوطني ليس فيديو اعتراف، بل هو فيديو يعرض مشاهد لرهينة، أو حلقة “دحدوحية” أخرى، كما يحلو للمواطنين السخرية منها والتهكم عليها.

لقد أثبت هذا التحليل أن محمد بن حليمة لا يعبر عن نفسه بحرية وأن تصريحاته متقطّعة، ومجزّأة ومهشّمة، وقد تمّ تبديل مواقعها وتقليمها وإعادة لصقها وصقلها، لإنتاج عرض كتُب نصّه من قِبل المديرية العامة للأمن الداخلي DGSI. يهدف الجزء الأساسي من فرجة الاعتراف المزيّف هذا إلى ترهيب الحراك وتشتيت صفوفه وإخضاعه، ودعوة الحراكيين إلى التوبة والاستسلام لتبون والجنرالات المتخفّين من ورائه، وكذلك ردع أيّ مُبلّغين جدد عن الفساد داخل قوات الأمن، قد تسوّل لهم أنفسهم اقتفاء آثار بن حليمة أو غيره.

وكمُقامِق سياسي، قام الجنرال جبار مهنّى بقرصنة صور وتصريحات بن حليمة ليُبلغنا من خلالها بتهديداته وأفكاره الميتة والمميتة، ومن ثمّ، فهو يقدّم لنا لمحة عن ثقافة الموت التي لا تزال سائدة داخل هذا الجهاز الأمني.

في ردّهم على الفرصة الاستثنائية التي أتاحها الحراك للتحوّل الديمقراطي، لا يزال جنرالات جيشنا، الطاعنين في السن، والعالقين في أسوار ماضٍ انقضى، يرفضون الأفكار الجديدة والتطوّر والتغيير، مستمرين في تركيزهم الجامد والأعمى على الأفكار الميتة وهوسِهم بها، وإدمانهم على تكرار الوصفات البالية التي يعرفون أنها تأتي بنتائج عكسية، وهي حالة يطلق عليها موزس نعيم اسم أيديولوجيا الانجذاب إلى الموت (النكروفيليا)15.

بدلًا من أن يخطوا خطوة واحدة نحو المستقبل، اتخذوا خطوتين إلى الماضي، باتجاه الإغلاق السياسي والإعلامي، والعودة إلى خطاب الإرهاب، والوحشية البوليسية، والتعذيب، والاعتقالات السياسية الجماعية، وعروض الاعترافات التلفزيونية في أخبار الثامنة مساءً، التي تذكرنا بمشاهد التسعينيات البائدة.

Notes

1.على سبيل المثال:

« Diffusion imminente de graves aveux par le membre de l’organisation terroriste Rachad, Benhalima », L’Expression, 27 mars 2022.

2.وكالة  الأنباء الجزائرية 27  مارس 2022.

3.موقع “TSA”أ 27 مارس 2022.

4.صحيفتا النهار والشروق أبرزتا الطابع “المروّع ” “للاعترافات، بينما سجلت صحيفتا البلاد وصوت الأحرار الطابع “الخطير” (27 مارس 2022)

5.Saul M. Kassin, ‘The Social Psychology of False Confessions’, Social Issues and Policy Review 9 (2015) pp. 25-51; Saul M. Kassin and Gisli H. Gudjonsson, ‘The Psychology of Confessions: A Review of the Literature and Issues’, Psychological Science in the Public Interest 5 (2004) pp. 33-67; Saul M. Kassin, ‘False Confessions: How Can Psychology So Basic Be So Counterintuitive?’, American Psychologist 72 (2017) pp. 951-964.

6.اتصال خاص

7.كان ذلك يوم 12 أبريل 2001 أثناء المحاكمة المسخرة، الخاصة باغتيال عبد القادر حشاني. قال المتهم، فؤاد بولامية، للقاضي – أمام قاعة المحكمة التي عمها الرعب: “لقد عذبوني إلى أقصى حد، أتفهمون؟ ثم جاء الجنرال توفيق، فقال لي: أنا ربها، سترى ما سأفعله بك. اقبل العرض وقلْ أنك قتلت حشاني وسيحكم عليك خمسة عشر عامًا سجنا، وسيتمكن والداك من زيارتك في السجن، وإلا سوف آخذك إلى منزل والدتك وسأبقر بطنها أمامك. أنا الجنرال توفيق رب دزاير [إله الجزائر]. “وإلا سأجعلك تتقيأ الحليب الذي أرضعته.” أنا الجنرال توفيق، راب دزاير”، وفقًا لرواية مختلفة قليلاً نشرتها صحيفة Le Jeune Indépendant. شهادة فؤاد بولامية، نقلتها دايخا دريدي، “محاكمة اغتيال حشاني: حكم بالإعدام على فؤاد بولامية”Algeria-Watch ، 16 أبريل 2001 ؛ إ. د. ، “بعد إدانته باغتيال حشاني، الحكم بالإعدام على بولاميا” ، Le Jeune Indépendant ، 14 أبريل 2001 ؛ لا تريبيون 14 أبريل 2001.

8.على سبيل المثال

Amnesty International, ‘Algeria: End prosecution of activists who exposed torture of a child in police custody’, 22 March 2022; Amnesty International, Algeria 2021 Report; Al-Karama, ‘Algeria: the Special Rapporteur against Torture to Examine the case of Yasser Rouibah’, 31 aout2021; Al-Karama, ‘Algeria-Spain: the UN Special Rapporteur on Torture Seized of the case of the Military Whistleblower Mohammed Abdellah’, 28 janvier 2022.

9.انظر على سبيل المثال تعليق الصحفي عبد سمار يوم 27 مارس 2022 على يوتوب.

10.انظر 

Magnus Fiskesjö, ‘The Return of the Show Trial: China’s Televised “Confessions”’, The Asia-Pacific Journal  15 (2018) 1-31; Janny H.C. Leung, ‘Publicity stunts, power play, and information warfare in mediatized public confessions’, Law and Humanities 11 (2017) pp. 82–101; Ergin Bulut et Basak Can, ‘Media, Affect, and Authoritarian Futures in “New Turkey:” Spectacular Confessions on Television in the Post-Coup Era’, Communication, Culture and Critique 00 (2020) 1–21; Bärbel Harju, ‘Too Much Information: Self-Monitoring and Confessional Culture’, in Florian Zappe et Andrew S. Gross (eds.), Surveillance, Society, and Culture, Peterlang, Berlin 2020, pp 59-81. Voir aussi les articles dans la note 5.

11.أنظر الملاحظة 10

12.انظر Chloe Taylor, The Culture of Confession from Augustine to Foucault : A Genealogy of the ‘Confessing Animal’, Routledge, New York, 2008.

13.أنظر الملاحظة 10

14.أنظر D Kafteranis, ‘The International Legal Framework on Whistle-Blowers: What More Should Be Done?’, Seattle Journal for Social Justice 19 (2021) pp. 729-758.

15.أنظر Moises Naim, ‘What is Ideological Necrophilia’, The Atlantic 24 février 2016; Yovani Chavez, ‘Ideological Necrophilia’, DKI APCSS Security Nexus, 2016

i G. Daniel Lassiter et al, ‘Videotaped interrogations and confessions: A simple change in camera perspective alters verdicts in simulated trials, Journal of Applied Psychology 87 (2002) pp 867–874; G. Daniel Lassiter et al, ‘Evaluating Videotaped Confessions: Expertise Provides No Defense Against the Camera-Perspective Effect, Psychological Science 18 (2007) pp. 224–226; G. Daniel Lassiter et al, ‘The Potential for Bias in Videotaped Confessions’, Journal of Applied Social Psychology 22 (1992) 1838–1851; G. Daniel Lassiter et al, ‘Evidence of the camera perspective bias in authentic videotaped interrogations: Implications for emerging reform in the criminal justice system’, Legal and Criminological Psychology 14 (2009) pp. 157–170.

ii Ibid.

iii Ibid.

iv Par définition, la saturation HSV prend des valeurs entre 0 et 1, mais le logiciel que nous avons utilisé applique un mapping (correspondance) sur une échelle de 0 à 255.