بيانات

مؤتمر حركة رشاد – البيان الختامي واللائحة المعتمدة

البيان الختامي تمرّ الجزائر بمرحلة حرجة وبأوضاع صعبة تهدد كيان الدولة والمجتمع تهديدًا وجوديًا. فعلى الصعيد السياسي تعيش البلاد حالة من تفكك الدولة يتسارع في العهدة الرئاسية الرابعة، وشلل مؤسسة الرئاسة المزمن بسبب مرض عبد العزيز بوتفليقة المتفاقم، وصراع الأجنحة في أعلى هرم السلطة،مع بروز واضح لجماعات من أصحاب المال يتزايد نفوذها باضطراد وتصبو إلى […]

البيان الختامي

تمرّ الجزائر بمرحلة حرجة وبأوضاع صعبة تهدد كيان الدولة والمجتمع تهديدًا وجوديًا. فعلى الصعيد السياسي تعيش البلاد حالة من تفكك الدولة يتسارع في العهدة الرئاسية الرابعة، وشلل مؤسسة الرئاسة المزمن بسبب مرض عبد العزيز بوتفليقة المتفاقم، وصراع الأجنحة في أعلى هرم السلطة،مع بروز واضح لجماعات من أصحاب المال يتزايد نفوذها باضطراد وتصبو إلى الاستحواذ على ما تبقّى من مؤسسات الدولة ومقدرات البلاد. يتزامن كل ذلك مع تآكل خطير للسيادة الوطنية وتزايد للتدخلات الأجنبية السافرة. في حين يتّسم نشاط المعارضة بعدم الفعالية والفشل في الارتقاء إلى تطلعات المواطنين إلى تغيير عميق لطبيعة النظام.

وعلى الصعيد الاجتماعي برزت على الساحة الجزائرية توترات مجتمعية تهدد اللحمة الوطنية، شبيهة بالاستقطابات التي تشهدها دول المنطقة والتي تتفاقم بفعل قوى تعارض الانعتاق السياسي لشعوبنا.وقد قامت هذه القوى المدعومة من أطراف إقليمية ودولية تشعر بالتهديد من أفق ديمقراطيات حقيقية في العالم العربي، بإيقاف الزخم التحرري العظيم الذي بشّرت به انتفاضات الشعوب ضد أنظمة الاستبداد والفساد، وبإغراق المنطقة في تصعيد قمعي ساعد على انتشار وازدياد شدة العنف بكل أشكاله كإرهاب الدول وإرهاب المليشيات والجماعات، والتوترات بين الدول.

في هذا الوضع بالغ الحساسية، انعقد مؤتمر حركة رشاد بتاريخ 14 ربيع الأوّل 1437 هـ، الموافق لـ 26 ديسمبر 2015 م،تحت شعار “معًا من أجل التغيير الراشد”. وحضر المؤتمر أعضاء المجلس الوطني وممثلون عن مكاتب الحركة في الجزائر وخارج الوطن.

وقد ناقش المؤتمر الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد وكذا المستجدات الإقليمية والدولية وتداعياتها على الجزائر.كما قام المؤتمر بتقييم المرحلة السابقة من نشاط الحركة، منذ تأسيسها في أفريل2007، وبمناقشة الوضع التنظيمي للحركة، وكذا بتحيين ميثاق الحركة ونصوصها الأساسية وانتخاب أعضاء أمانتها للعهدة القادمة.

إنّ مؤتمر حركة رشاد يدعو الشعب الجزائري بمختلف قواه، وعلى رأسها القوى السياسية المخلصة، إلى العمل المشترك من أجل تجنيب الجزائر الوقوع في الفوضى، ولإحداث تغيير جذري لاعنفي يمكّن من إقامة دولة القانون والحكم الرشيد.

اللائحة المعتمدة بشأن تمدين الدولة
والتحكم الديمقراطي في القوات المسلحة

شهدت الجزائر منذ أكثر من سنة بروز خطاب نابع من أروقة النظام عن مشروع تمدين الدولة، وتزامن ذلك مع عدة إجراءات من قبيل إعادة هيكلة مديرية الاستعلامات والأمن ثم إقالة مديرها. ومن الملاحظ أن معالم مشروع تمدين الدولة لم يُعزّز بحوار مجتمعي يُشرك كلّا من الحكومة والمجلس الشعبي الوطني والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

وتُعتبر مسألة الدولة المدنية والتحكم الديمقراطي في القوات المسلحة، وفي جهاز المخابرات على وجه الخصوص، من أولويات حركة رشاد منذ نشأتها. وقد قامت الحركة في ميثاقها بتشخيص تغوّل العسكري على مؤسسات الدولة المدنية والمجتمع وباقتراح تدابير من شأنها أن تعالج الوضع.

واعتبارًا لسوابق النظام في إفراغ المصطلحات السياسية من محتواها كما فعل بفكرة الديمقراطية ومفهوم المصالحة الوطنية، فإن حركة رشاد تخشى أن يكون تداول خطاب تمدين الدولة ليس إلا مراوغة للالتفاف على هذا المطلب الشعبي، ومحاولة لاستدامة حكم العسكر والمخابرات بثوب جديد، خاصة وأن إعادة هيكلة مديرية الاستعلامات والأمن انتهت إلى انتقال عدد من أقسامها وصلاحياتها إلى قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي.

وإذ تعتبر حركة رشاد أن خطاب تمدين الدولة هو اعتراف ضمني بعسكرة الحياة السياسية في الجزائر منذ استقلالها، فإنها ترى ضرورة أن تنبثق عملية التمدين عن رئيس يستمد شرعيته من انتخابات حرة ونزيهة ويمارس مهامه تحت رقابة مجلس شعبي وطني منتخب فعلًا وسلطة قضائية مستقلة ونزيهة.

وترى حركة رشاد أن أي مشروع لتمدين الدولة يجب بالضرورة أن يسبقه برنامج لإزالة الطابع العسكري للدولة، وبالخصوص حل مديرية الاستعلامات والأمن (انظر الملحق الخاص بإصلاح جهاز المخابرات) وكل ملاحقها المعنية بالتحكّم في مؤسسات الدولة وفي المجتمع، وبفصل الدرك الوطني عن وزارة الدفاع وإلحاقه بوزارة الداخلية، وبتسريح جميع الهيئات شبه العسكرية، مع ضمان إعادة إدماج عناصرها في المؤسسات العسكرية والمدنية بما يتوافق مع حاجيات الدولة.

وتعتبر حركة رشاد أنّ مشروع تمدين الدولة يجب أن يشمل الآتي:

وضع تدابير دستورية وقانونية وتنظيمية وإجرائية دقيقة وقوية من أجل التحكّم الديمقراطي في نشاطات الجيش الوطني الشعبي. وتخصّ هذه التدابير:
ألف- ضمان أن القوة المسلحة للجيش الوطني الشعبي لا توجّه أبدًا ضد الشعب ولا تمارس بدون موافقته؛
باء- منع اختطاف القوة المسلحة للجيش الوطني الشعبي من طرف قادة سياسيين لفرض أنفسهم على منافسيهم السياسيين أو على الشعب؛
وضع تدابير تشريعية وتنظيمية وإجرائية (التحقيقات وجلسات الاستماع البرلمانية والتقارير والشهادات والاستفسارات والأسئلة والمناقشات والاقتراحات والقرارات) من أجل الرقابة البرلمانية لنشاطات الجيش الوطني الشعبي من طرف المجلس الشعبي الوطني؛
وضع إجراءات قانونية للتحكّم القضائي في نشاطات الجيش الوطني الشعبي؛
تمدين وزارة الدفاع الوطني.
ولا ترى حركة رشاد بأنّ تمدين وزارة الدفاع الوطني هو استبدال العسكري بالمدني لنفس الوظيفة، وإنما الانتقال التدريجي للجيش إلى مؤسسة مدنية-عسكرية حقيقية، تحت قيادة مدنية من أجل تعزيز الديمقراطية والدفاع الوطني.

وترى حركة رشاد أن الدور السياسي لوزارة الدفاع بإدارة مدنية هو ضمان الارتباط بين الحكومة المنتخبة ديمقراطيا وقادة الجيش، أي التحكم في الجيش وتطويره بما يتماشى مع السياسة الدفاعية للحكومة المدنية، وتفادي تسييسه أو تحزبّه أو تدخّله في العملية السياسية، وإيصال احتياجات الجيش المالية والتشريعية وغيرها إلى الحكومة وكذا ضمان الشفافية والمساءلة للمؤسسة العسكرية أمام المجلس الشعبي الوطني والمجتمع. كما يتعيّن على وزارة الدفاع الوطني في إطار الدولة المدنية القيام بدور التسيير والإدارة الفعالة والشفافة والمستديمة اقتصاديا للإنفاق العسكري، المنسجم مع الأولويات الاقتصادية الوطنية.

ملحق خاص بإصلاح مصالح الاستخبارات

1- التفويض

يجب تحديد تفويض مصالحا لاستخبارات بشكل مقيّد وواضح في قانون مُعلَن يناقش ويعتمد من طرف المجلس الشعبي الوطني.

على التفويض أن يتضمّن الآتي:

ألف- تعريف دقيق وصريح (مع قائمة شاملة) للتهديدات ضد الأمن الوطني. فالمجتمع الجزائري، عبر ممثليه المنتخبين ومنظماته المجتمعية، هو من يُعرّف ما يمثّل تهديدًا، وليس مصالح الاستخبارات؛

باء- تقييد دور مصالح الاستخبارات في البحث والتحليل ونشر المعلومات لمساعدة السلطة التنفيذية وغيرها من المؤسسات الوطنية لحماية الأمن والسكان والممتلكات والحقوق؛

جيم- التأكيد على مسؤولية ومساءلة مصالح الاستخبارات من قِبل الهيئات العمومية للمراقبة والتحكم التي تقوم بانتظام باستعراض الطريقة التي تمارس بها مصالح الاستخبارات تفويضها.

2- الأسس القانونية

مراجعة جميع القوانين التي تعمل بموجبها مصالح الاستخبارات الجزائرية، والاحتفاظ فقط بالقوانين المعلنة التي تتماشى مع الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

مراجعة كلّ اللوائح التكميلية غير المعلنة وإلغاء جميع تلك التي لا تتفق مع الدستور والمعايير التي تحددها القوانين المعلنة أو تلك التي قد تكون ضارة بحقوق الإنسان.ويحدد القانون الداخلي لمصالح الاستخبارات على وجه الخصوص: أوّلا) تدابير البحث عن المعلومات التي تستخدمها مصالح الاستخبارات؛ ثانيًا) أهداف هذا البحث عندما يكون مسموحًا به؛ ثالثًا) فئات الأشخاص والأنشطة التي يمكن أن تستهدفها هذه التدابير؛رابعًا) مستوى الاشتباه المطلوب الذي يبرّر اللجوء إلى هذه التدابير؛ خامسًا) المدة القصوى لتطبيق هذه التدابير؛سادسًا) إجراءات الترخيص والرقابة على استخدام هذه التدابير.

3- الهيكلة والحجم

لا تزال مديرية الاستعلامات والأمن، وهي مصلحة استخبارات عسكرية تابعة للجيش، تُبقي على التقليد الاستعماري للتهدئة الداخلية حينما تتجسّس وتقمع الجزائريين المدنيين. ويجب أن تختفي هذه الهيئة ذات التاريخ المخزي، ليحلّ محلّها:

ألف) مصلحة استخبارات عسكرية تقتصر على البحث عن المعلومات وتحليلها في ما يخصّ التهديدات ضد الجيش الوطني الشعبي، والتي يتم إرسالها إلى قيادة الجيش وإلى السلطة التنفيذية، وعلى حماية نظم المعلومات والاتصالات الحساسة المرتبطة بالدفاع الوطني؛

باء) مصلحة استخبارات مدنية، تبحث وتحلّل وتنشر المعلومات لمساعدة السلطة التنفيذية وغيرها من المؤسسات الوطنية لحماية الأمن والسكان والممتلكات والحقوق.

تُمنَع مصلحة الاستخبارات العسكرية من جمع المعلومات عن الجزائريين المدنيين وعن الموضوعات التي لا ترتبط بشكل صارم بالدفاع الوطني. ولتفادي أي تدخلّ للقوات المسلّحة في الشؤون المدنية، في حالة ما إذا شكّل أفراد أو جماعات من المدنيين الجزائريين تهديدًا للجيش الوطني الشعبي، فإنه يُطلب من مصلحة الاستخبارات المدنية جمع المعلومات بخصوصهم.
يجب ألا يتجاوز حجم مصلحة الاستخبارات العسكرية ومصلحة الاستخبارات المدنية ما يستدعيه حجم ساكنة الجزائر.

4- الصلاحيات

الصلاحيات والمسؤوليات المحفوظة لمصالح الاستخبارات يجب أن تحُدّد بوضوح وسرد مستفيض في القانون الجزائري. ولن يُسمح باستخدام هذه الصلاحيات إلا إذا كانت الأهداف تتوافق مع الأسباب التي من أجلها تم منحها.

لن يكون لمصلحة الاستخبارات العسكرية أيّ صلاحيات إيقاف أو اعتقال للمدنيين الجزائريين، وينبغي إدراج هذا الحظر بشكل واضح في التشريعات الوطنية.

إذا قرر المجلس الشعبي الوطني إعطاء مصلحة الاستخبارات المدنية صلاحيات الإيقاف والاعتقال– مع أن بعض الديمقراطيات فضّلت الفصل بين النشاط الاستخباراتي ووظيفة إنفاذ القانون–، فيجب أن يكون اللجوء إلى هذه الصلاحيات خاضعًا للمراقبة القضائية في ما يخصّ قانونية الحرمان من الحرية وتوافقه مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويتمّ احتجاز الموقوفين مؤقتا في المراكز الرسمية القانونية. ولن يُسمح في أي حال أن تقوم مصلحة الاستخبارات المدنية بإدارة مراكز الاحتجاز الخاصة بها –المعلنة أو السرية– أو استخدام أماكن احتجاز غير معترف بها تديرها أطراف ثالثة.

5- التحكّم

تخضع مصلحة الاستخبارات للتحكّم من طرف عدّة هيئات، حرصًا على الفصل بين سلطات التحكّم:

ألف- سلطة تحكّم داخل المصلحة؛

باء- السلطة التنفيذية؛

جيم- هيئة منبثقة عن المجلس الشعبي الوطني؛

دال- هيئة قضائية.

تستعرض هذه الهيئات التي تتمتّع بكافة صلاحيات تفتيش مراكز ووثائق وأنشطة مصلحة الاستخبارات، بانتظام ما إذا كانت مصلحة الاستخبارات تحترم القوانين الوطنية، خاصة تلك المتعلّقة بحقوق الإنسان، وما إذا كانت تستعمل بشكل صحيح الموارد المالية العمومية المخصصة لممارسة تفويضها.

6- عدم الانحياز

يجب على مصلحة الاستخبارات المدنية أن تبقى محايدة سياسيا وألا تتحرك لصالح جماعة سياسية أو ضد أخرى. وبالمثل، فإنها لا تستخدم صلاحياتها لدعم أو للتمييز ضد مصالح مجموعة جهوية أو لغوية أو أيديولوجية أو اقتصادية.

وتشمل التدابير اللازمة لضمان النزاهة الآتي:

ألف- إخضاع تعيين قادة مصلحة الاستخبارات للتحكّم من طرف الهيئات غير التنفيذية؛

باء- تحديد مدد عهد المدراء في مصلحة الاستخبارات والإشارة الصريحة في عقود التشغيل بأنّ التحيز السياسي أو الجهوي أو اللغوي أو الأيديولوجي يُعتبر سببًا كافيًا للفصل؛

جيم- حظر النضال داخل حزب سياسي أو دعمه أو تقاضي أموال منه، لموظفي مصلحة الاستخبارات، وحظر اختراق أو التدخّل في شؤون المنظمات؛

دال- حظر العمل ضد الأنشطة السياسية القانونية، لا سيما جميع أشكال التعبير والاحتجاج السلمي.

7- إدارة البيانات الشخصية

يجب تحديد أنواع البيانات الشخصية التي يُسمح لمصلحة الاستخبارات جمعها، وذلك بشكل مقيّد وواضح في قانون يمكن الاطلاع عليه.كما يحدّد هذا القانون الشروط التي تحكم استخدامها والكشف عنها والاحتفاظ بها وحذفها.

تقوم هيئة رقابة مستقلة بمراجعة دورية لكيفية إدارة مصلحة الاستخبارات للبيانات الشخصية. وبالإضافة إلى صلاحيات التحقيق والوصول إلى جميع الوثائق، تكون لهذه الهيئة القدرة على الأمر بالكشف عن المعلومات التي تمّ جمعها عن المواطنين المستهدفين، وربما إلى إزالتها.

يمكن للمواطن الوصول إلى البيانات الشخصية التي تمتلكها مصلحة الاستخبارات بشأنه. ويتعيّن على هذه المصلحة تبرير أي قرار بعدم الكشف عن البيانات الشخصية التي يتمّ جمعها أمام هيئة رقابة مستقلة. كما يجب أن تظل حالات رفض الكشف عن البيانات الشخصية استثناءً، ينصّ عليه القانون، وواضحة اللزوم لتفويض مصلحة الاستخبارات.

8- حماية حقوق الإنسان

يجب أن تتمّ أي تدابير تقيّد حقوق الإنسان بموجب قانون يوافق معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويسرد بصراحة وبدقة هذه التدابير ويحدد شروط اللجوء إليها. وتشمل هذه الشروط مبررًا يبرهن بوضوح بأنّ هذه التدابير من شأنها حماية الأمن الوطني كما يعرفه القانون الوطني، وأيضًا إجراءات الترخيص المنصوص عليها في القانون.

يطبّق القانون على موظفي مصلحة الاستخبارات مثلهم مثل أي مواطن،وكلّ موظف يخالف أو يأمر الآخرين بانتهاك الدستور والقوانين الأخرى، يرتكب بذلك جنحة أو جناية.

على موظفي مصلحة الاستخبارات رفض الامتثال للأوامر التي تخرق القوانين الوطنية والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجب وضع إجراءات داخلية وهيئة مستقلة مفوّضة للتمكين من الإبلاغ عن المخالفات وحماية الموظفين الذين يرفضون الامتثال للأوامر غير القانونية.

ربيع الأوّل 1437 هـ ، الموافق لـ 26 ديسمبر 2015 م