بيانات

حجب موقع حركة رشاد: ضربة جديدة لحرية الرأي والتعبير في الجزائر

هاهو إذن النظام الجزائري يتخذ إجراءه الأول للسيطرة على الشبكة العنكبوتية في الجزائر عن طريق الغربلة التقنية بحجب موقع حركة رشاد. ويأتي ذلك تطبيقا لقانون « مكافحة الجريمة الإلكترونية » الذي صادقت عليه حكومة أويحيى والذي ينصّ على جملة من الإجراءات تقوم بتحديد آليات الرقابة على الإنترنت، والذي اعتبرته عدة جهات حقوقية وإعلامية في الجزائر […]

هاهو إذن النظام الجزائري يتخذ إجراءه الأول للسيطرة على الشبكة العنكبوتية في الجزائر عن طريق الغربلة التقنية بحجب موقع حركة رشاد. ويأتي ذلك تطبيقا لقانون « مكافحة الجريمة الإلكترونية » الذي صادقت عليه حكومة أويحيى والذي ينصّ على جملة من الإجراءات تقوم بتحديد آليات الرقابة على الإنترنت، والذي اعتبرته عدة جهات حقوقية وإعلامية في الجزائر سلاحا آخر لخنق الأصوات التي تختلف مع طرح النظام.

إنّ هذا الإجراء يُعدّ سابقة خطيرة في المساس بفضاء الحرية الوحيد نسبيا الذي كان بمنأى عن قبضة النظام، وتتأهّب الجزائر بذلك للدخول في قائمة “أعداء الإنترنيت”، التي تضم دولا قمعية مثل الصين وكوريا الشمالية وميانمار إلى جانب دكتاتوريات عربية مثل السعودية ومصر وسورية وخاصة تونس البوليسية التي تمثل نموذجا مثاليا لنظام بوتفليقة وحكومة أويحيى، والتي لم تتأخر في تقديم المشورة التقنية للجزائر في هذا المجال.

ويجدر التذكير بأنّ الحق في حرية الرأي والتعبير من الحقوق الأساسية التي يضمنها الدستور الجزائري والمواثيق الإقليمية والدولية التي تُعدّ الجزائر طرفا فيها.

إذ ينص دستور الجزائر – منذ تعديل 1996 – في المادة 36 على أن “لا مساس بحرمة حرية المعتقد، وحرمة حرية الرأي.” وفي المادة 41 على كون “حريات التعبير، وإنشاء الجمعيات، والاجتماع، مضمونة للمواطن.”

وينص الميثاق العربي لحقوق الإنسان لـ 2004 في المادة 32 على ما يلي: “يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية. تمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.”

وينص الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لـ 1981 في المادة 9 على أنّ “لكل شخص الحق في الإعلام” و”لكل شخص الحق في التعبير عن ونشر آرائه في إطار القوانين.”

وتنص المادة 19 من الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان لـ 1948 على أنه “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.”

وتنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لـ 1966 على أنه “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.”

وفي إعـلان المبـادئ الذي أصدرته القمـة العالميـة لمجتمـع المعلومـات المنعقدة في جنيف (2003) وتونس (2005)، صرّح المشاركون بما يلي: “ونؤكد من جديد، كأساس جوهري لمجتمع المعلومات، أن لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير كما ورد في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وأن هذا الحق يشمل حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. فالاتصال عملية اجتماعية أساسية، وحاجة إنسانية أساسية، وهو أساس كل تنظيم اجتماعي، وهو محور مجتمع المعلومات. وينبغي أن تتاح فرصة المشاركة لكل فرد في كل مكان، ولا ينبغي استبعاد أحد من الفوائد التي يقدمها مجتمع المعلومات.”

وبناء على ما سبق يتضح أنّ الإجراء الذي قام به النظام الجزائري في حق حركة رشاد خرق سافر للقانون الأساسي الجزائري ولالتزامات الجزائر في إطار القانون الدولي.

إنّ هذا الإجراء التعسفي يدل على عجز النظام الجزائري عن الرد على الأفكار والاقتراحات بأفكار واقتراحات أخرى، ولجوئه – كما جرت العادة – إلى منطق القمع غير المجدي. كما يؤكد للأسف ما آلت إليه حرية الصحافة في الجزائر من وضع بائس، فقد وضعت منظمة مراسلون بلا حدود الجزائر في تقريرها السنوي لعام 2009 في المرتبة الـ 141 من بين 171 دولة.

لكن مثل هذه الممارسات المناهضة للحرية ليست سوى هروبا إلى الأمام من طرف نظام شائخ أنهكه الاستبداد وأتلفه الفساد وحان وقت رحيله، ولكن آذانه صماء لا تسمع نداء التغيير الذي يطالب به الشعب الجزائري بكل مكوناته.

أمانة حركة رشاد